الجزء الثاني
يواصل الإعلامي كمال مهدي في حواره الحصري مع يومية «الروح الرياضية»، سرد المزيد من التفاصيل والوقائع حول حياته المهنية في مجال يعرف لدى الخاص والعام بمهنة المتاعب، نظرا للصعوبات التي يتلقاها الصحفي الرياضي خاصة في طريق البحث عن المعلومة الصحيحة، التي تفيد القارئ.
كما تطرق في حديثه عن الإنقسامات التي شهدتها الساحة الرياضية الإعلامية عقب إياب لقاء السد، بين مساند وداعم لمحاربي الصحراء بسبب تعرضهم للظلم التحكيمي وبين من يرى أن الإقصاء يتحمله الناخب الوطني ومحاربيه، تابعوا الجزء الثاني من الحوار الشيق والممتع مع الأيقونة الإعلامية مهدي كمال.
ـ شغفك بالرياضة جعل منك صحفيا مشهورا، وإسما لامعا في الساحة الإعلامية فما السر في ذلك؟
سر التألق، حسب وجهة نظري، يتمثل في حب المهنة والبحث عن المعلومة التي تهم المتلقي، سواء مشاهد أو مستمع أو حتى قارئ، ثم التبيّن من صحتها قبل إيصالها للمتلقي، وأيضا التعلم من الأخطاء بشكل يومي من خلال ما يقدمه الصحفي. والإستفادة من الأخطاء ليس عيبا، وفوق كل ذلك التواضع، لأن هذه المهنة متجددة يوميا، فمن غير المنطقي أن يقول الصحفي «قد وصلت»، كما أن الصحفي الساعي إلى النجاح مطالب بمواكبة ما يدور في فلك الإعلام بشكل عام والإعلام الكروي بشكل خاص لتعلم المزيد وتوسيع الثقافة والمعارف والأهم من كل ذلك أن قراري بولوج الصحافة هو نتاج رغبتي في إعطاء هوية للمنشط الرياضي الجزائري.
الإعلام الرياضي يمكن أن يكون إستثمارا إقتصاديا مربحا
ـ ما مدى أهمية الإعلام الرياضي في وقتنا الحالي ؟
أعتقد أن الإعلام الرياضي محضوض لعدة اعتبارات وبإمكانه أن يدرّ أموالا كثيرة على الناشطين في هذا القطاع، بشرط أن يتواجد بين أيدي أناس ذوي نظرة مستقبلية، وهذا بالنظر للمتابعة الجماهيرية الكبيرة التي تلقاها الحصص الرياضية، واعتقد أن الاهتمام بالبلاطوهات الرياضية أخذ منحى تصاعدي من طرف الجمهور، الشغوف بالرياضة عموما وبكرة القدم على وجه خاص، وعليه يمكن استثمار هذا الجانب من الناحية الاقتصادية لتحقيق أرباح مالية كبيرة.
لم نتاجر بالأوهام بل وقفنا إلى جانب مصلحة وطننا ومنتخبنا
ـ لقاء السد وتبعاته أثار الكثير من الجدل وسط الساحة الإعلامية من خلال التضارب في التحاليل والآراء بين مختلف البلاتوهات، إلى درجة أن بعض وسائل الإعلام اتهمت بالمتاجرة في الوهم؟
صحيح لقاء إياب السد أمام المنتخب الكاميروني والظلم التحكيمي الذي تعرض له المنتخب الوطني أثار الكثير من الجدل وسط الساحة الإعلامية، وحول هذه القضية أود أن أشير إلى أننا لم نتحد كإعلاميين رياضيين من أجل مصلحة الجزائر ومن أجل مصلحة الكرة الجزائرية، ولم نتحد لدعم الناخب الوطني جمال بلماضي ، والأغرب في كل ذلك أن البعض عند الحديث الحماسي عن الظلم التحكيمي الذي كان بطله الحكم الغامبي غاساما وعن الظلم الذي استهدفنا من طرف جهات خارجية أيضا بهدف حرماننا من تأشيرة المونديال، يقول أنتم تتاجرون في الأوهام، بل وصل الأمر بالبعض إلى طرح وجهات نظر أخرى، كقولهم، بلماضي أخطأ في خياراته وغاساما أدى مباراة ممتازة وخسرنا في الدقائق الأخيرة وكأنه يميل إلى كفة المنافس على حساب وطننا ومنتخبنا ويبرئ الحكم غاساما من كل الأخطاء التي إرتكبها، وحتى لو أخطأ بلماضي في خياراته، فالوقت ليس وقت إنتقاد ومحاسبة بل هو وقت للإتحاد والوقوف في وجه من أراد بمنتخبنا سوءا، وكل هذا سببه أننا لم نتخندق إلى جانب مصلحة كرتنا الجزائرية ومنتخبنا الوطني بخلاف ما نشاهده في دول أخرى، مثل مصر مثلا، عندما يتعلق الأمر بمصلحة منتخبها، كل الترسانة الإعلامية المصرية تقف وقفة رجل واحد إلى جانب مصر ومنتخبها، نحن لم نتاجر في الوهم ولم نقل إن المباراة لن تعاد أو ستُعاد، بل قلنا كإعلاميين يجب علينا أن نقف إلى جانب منتخبنا ووطننا، وفي مثل هكذا ظروف يتوجب علينا أن نكون مع الجزائر ظالمة أو مظلومة، وبالنسبة لي عندما يتعلق الأمر بمصلحة وطني، لا مجال للحديث عن الاحترافية والموضوعية والشفافية وتلك المصطلحات الرنانة، بل يكون كل همي هو الدفاع عن مصلحة وطني وعن مصلحة منتخب بلدي، وبكل أسف هذا ما لم نلمسه لدى الكثير من بلاطوهات الإعلام الرياضي، لم نلمس تلك اللحمة والوحدة بين مختلف أطراف الإعلام الرياضي في الجزائر، ولو حدث ذلك لربما شكلت هذه الوقفة، ضغطا غير مباشر على الفيفا وربما أعادت النظر في القضية بتدقيق أكثر، والمصيبة الأكبر وبكل أسف أن صامويل إيتو رئيس الإتحاد الكاميروني وغيره إستدل بما روجت له بعض الأطراف من الصحافة الجزائرية، التي ترى أن المنتخب الوطني خسر فوق أرضية الميدان وأن الحكم غاساما كان نزيها وغيرها من الآراء، يعني بدل ما نقف إلى جانب منتخبنا الوطني وقفنا إلى جانب المنافس والخصم وألقينا سهامنا على المدرب واللاعبين، وأعتقد أننا كإعلام رياضي لم نتوحد ولن نتوحد في ظل الأجندات والتكتلات والانقسامات والصراعات التي أنهكت الأسرة الإعلامية بشكل عام.
مواقع التواصل حالات شاذّة، لا يمكن أن تكون مصدرا للمعلومة الصحيحة
ـ هناك من يشكك في محتوى ومضمون الإعلام الرياضي مع اكتساح مواقع التواصل الاجتماعي للمشهد.
اعتقد أن التشكيك في الإعلام الرياضي حكم قاس نوعا ما، لأن مواقع التواصل الاجتماعي حالات شاذة، لا يمكن أن تكون مصدرا معلوماتيا صحيحا، وهنا أود أن أنوه إلى أنه من غير المنطقي ومن غير المقبول أن نأخذ معلومة من مواقع التواصل ثم نتداولها على أساس أنها صحيحة، على إعتبار أنه يمكن أن يكون مصدرها مراهق لا يتعدى 16 سنة، مواقع التواصل هي مواقع حرة تتحدث بطريقة عفوية عن كل شيء دونما تبين ودونما تحري ودونما تدقيق في المعلومات التي تتداولها، وقد تتضمن الصواب في حالات نادرة، لكن في الكثير من الأحيان تكون بعيدة كل البعد عن الصواب، خلافا للإعلام الرياضي الذي من المفروض أن يلتزم بالاحترافية في تقديم المعلومة للمتلقي، مستمع كان أو مشاهد أو قارئ، وبشكل عام الخبر مقدس والتعليق حر، وعند تقديم معلومة ما، يجب التأكد من صحتها ومن ثقة مصدرها وفي العموم لا يمكن لمواقع التواصل الإجتماعي مهما اكتسبت من شهرة ورواج أن تحل محل السلطة الرابعة وهي الإعلام.
الجمهور الرياضي ذكيّ بما يكفي للتمييز بين الصالح والطالح
ـ كيف يمكن للمتلقي أن يُميز بين المعلومة الصحيحة والخاطئة ؟
اعتقد أن سمة الصدق تظهر على وجه المنشط ومقدم البرنامج الذي لا يدافع عن الأشخاص ولا على الهيئات بل كل همه تأدية رسالته الإعلامية على أكمل وجه، المنشط الذي يقول للمحسن أحسنت وللمسيء أسأت، المنشط الذي يكشف الخطأ ويثمن ويقدر الصواب، وعندما نتحدث عن جمال بلماضي مثلا، نتحدث عنه من باب التضامن معه عندما يكون عرضة لتحامل الإعلام الأجنبي خاصة الإعلام الفرنسي على غرار حملته الأخيرة التي إستهدفت الناخب الوطني، لكن من الناحية الفنية عندما يخطئ نقول له أخطأت، في الخيارات الفنية مثلا، وعندما تقوم جهة إعلامية معينة بتصويب سهامها ناحية جهة أخرى، فاعلم أن ذلك هو الإعلام الرياضي الموجه، الذي يعمل لمصلحة أجندات معينة بهدف ضرب جهات أخرى، لكن أنا متأكد أن الجمهور الرياضي الجزائري ذكي بما يكفي للتمييز بين الصالح والطالح ويمكنه التفريق بين الصحفي الصادق النزيه والصحفي الذي يخدم أجندات وجهات معينة لحاجة في نفس يعقوب. وعموما الكلام الذي يخرج من القلب يصل مباشرة إلى القلب.
ـ ماهي الشروط التي يجب أن تتوفر في الإعلامي الرياضي حتى ينجح في مهمته ؟
طبعا الشرط الأساسي الذي يجب أن يتوفر في الإعلامي الرياضي حتى ينجح في مهمته، هو أن يكون إنسانا ذا مستوى تعليمي جامعي ولا يهم أن يكون بالضرورة خريجا لكلية الإعلام والإتصال، المهم أن يكون ملما بفنون الصحافة بشكل عام ويملك رصيدا لغويا ومعرفيا كافيا، زيادة على الكاريزما والحضور وفوق كل ذلك يجب أن يخضع لدورات الرسكلة والتكوين، إضافة إلى الشغف وحب هذه المهنة الصعبة والمتعبة…
يتبع
حاوره : سفيان طالب