تم أول أمس بمقر ولاية باتنة تكريم الرياضيين البرالمبيّين المتألقين في بطولة العالم لألعاب القوى لذوي التحدي والهمم بنيودلهي لعاصمة الهندية في مقدمتهم صفية جلال، الحائزة على الميدالية الذهبية وصاحبة الرقم العالمي الجديد في مسابقة رمي الجلة بمسافة 11,67 مترا وكذا المرتبة الرابعة في رمي القرص.
التكريم الذي أشرف عليه والي الولاية محمد بن مالك بحضور منتخبين ومديرين تنفيذيين، شمل أيضا الرياضيين عمشي محمد نجيب، الحائز على الميدالية البرونزية في اختصاص رمي الجلة ومونية قاسمي التي احتلت المرتبة السابعة عالميا في اختصاص رمي الجلة. وتم خلال الحفل تسليم صك بمبلغ 2 مليون دينار جزائري من ميزانية الولاية، للنادي الرياضي “أوراس التحدي” باتنة لذوي التحدي والهمم الذي ينشط فيه الرياضيون الثلاث كمكافأة لهم ولمدربهم شريف بن موسى وشقيقه فاتح مرافق الرياضيين. وقد أثنى الوالي على النتائج التي حققها الرياضيون في هذه البطولة العالمية، مجددا تأكيده على “مرافقتهم ودعمهم ماديا ومعنويا من أجل تحقيق المزيد من التألق والنجاح”.
تحفيز مهم لبذل المزيد من المجهودات
وبدورهم، اعتبر الرياضيون المكرمون المبادرة “تحفيزا لهم لبذل المزيد من المجهودات لإعلاء الراية الوطنية في مثل هذه المنافسات الدولية”. ومن جهته، كشف مدير الشباب والرياضة بالولاية نبيل حديد أن مقر النادي الرياضي “أوراس التحدي” الذي يقع بمدينة باتنة سيتم ترميمه وإعادة تجهيزه ضمن ميزانية الولاية، بما في ذلك قاعة التدريبات لتوفير ظروف ملائمة للرياضيين من ذوي الاحتياجات الخاصة الذين ينشطون فيه والمساهمة في تحسين مستواهم وأدائهم.
مرجع إقليمي في ألعاب القوى لذوي الهمم
سجل المنتخب الوطني الجزائري لألعاب القوى لذوي التحدي والهمم مشاركة متميزة في بطولة العالم التي نظمت مؤخرا بنيودلهي بالهند، حيث حصد مجموع تسع ميداليات تفاصيلها 3 ذهبية، 3 فضية و3 برونزية، محتلا بذلك المرتبة 18 في جدول الميداليات من بين 65 دولة متوجة، من أصل حوالي مئة دولة مشاركة، وهو تصنيف يجعل منها أول دولة إفريقية وعربية في هذه البطولة، مما يؤكد مكانتها كمرجع إقليمي في ألعاب القوى لذوي التحدي والهمم. ولا تقتصر هذه الحصيلة على عدد الميداليات، بل تعكس أيضا نجاح الأهداف التي كانت قد حددتها الاتحادية الجزائرية لرياضة ذوي التحدي والهمم. وإلى جانب التتويجات، حقق الرياضيون عدة أرقام قياسية وطنية وأفريقية، وأبرزها رقم عالمي جديد يعود للبطلة صفية جلال، المتوجة في رمي الجلة فئة أف57 برمية بلغت 11.67 متر. ويؤكد هذا الإنجاز العالمي مجددا على استمرارية تألقها وعلو كعبها ومكانتها كمرجعية في اختصاصها.
وجوه جديدة ستحمل المشعل
وإن كان رياضيو النخبة قد أدوا دورهم المنتظر، فإن الوجوه الجديدة في المنتخب الوطني قد تركت هي الأخرى بصمتها، ومن أبرزهم عبد الهادي بودراع الذي فاجأ الجميع بإحرازه الميدالية الفضية في سباق 5000 متر فئة تي13 وذلك في أول مشاركة عالمية ودولية له. ويمثل بروز هذا الرياضي مؤشرا إيجابيا على مستقبل واعد لألعاب القوى لذوي الاحتياجات الخاصة في الجزائر، مع آفاق مشرقة للمنافسات القادمة، وخاصة الألعاب البارالمبية 2028. وبالإضافة إلى الميداليات، اقترب رياضيون آخرون من تحقيق إنجازات، باحتلالهم مراتب شرفية، الرابعة، الخامسة والسابعة في اختصاصاتهم، بفوارق بسيطة عن منصات التتويج، ما يعكس مدى تنافسية العناصر الوطنية وقدرتها على مجاراة أقوى المنتخبات العالمية. وتزداد قيمة هذه الإنجازات في ظل الظروف المناخية القاسية التي جرت فيها المنافسات، حيث شكلت الحرارة المرتفعة والرطوبة العالية في نيودلهي تحديا حقيقيا لكل الرياضيين، إلا أن الجزائريين أظهروا صمودا وانضباطا عاليا، ما يؤكد جاهزيتهم البدنية والذهنية. وعقب نهاية البطولة العالمية، عبرت الاتحادية الجزائرية لذوي الاحتياجات الخاصة، على لسان مديرها الفني الوطني سليم بوطبشة، عن ارتياحها الكبير للنتائج المحققة. وقال في تصريحاته، عقب عودة النخبة الوطنية إلى أرض الوطن يوم الاثنين “نحن جد سعداء بهذه النتائج، وهي تبشر بالخير لمستقبل رياضيينا.
تحقيق حوالي 90 بالمائة من الأهداف
يمكنني القول بثقة أن الاتحادية قد حققت حوالي 90 بالمائة من الأهداف التي كانت قد رفعتها للوصاية. خاصة أن بعض الرياضيين شاركوا لأول مرة في منافسة دولية بهذا الحجم، بينما كانت هذه أول منافسة كبرى للبعض الآخر منذ الألعاب البارالمبية بباريس في سبتمبر 2024. لذلك، شكلت بطولة العالم لسنة 2025 اختبارا ميدانيا ممتازا لتقييم الإمكانيات الحقيقية للعناصر الوطنية، مع ضمان وجود خلف واعد”، مبرزا الامكانيات الجيدة التي سخرتها الاتحادية للتحضير لهذا الموعد العالمي. ولم يفوت المسؤول الفني الفرصة للإشارة الى الظروف المناخية الصعبة التي واجهها الرياضيون، قائلا “لم يكن من السهل تحقيق هذه النتائج. الحرارة الشديدة والرطوبة العالية أثرت على أداء كل الفرق وقد أثير هذا الموضوع من قبل رؤساء الوفود خلال الاجتماع الفني”. وأضاف “ولتخفيف آثار هذه الظروف، سافرنا إلى الهند خمسة أيام قبل انطلاق المنافسة، من أجل تمكين الرياضيين من التأقلم مع الأجواء. كما طلبنا منهم أن يتدربوا فقط في توقيت مسابقاتهم، لتقريب الظروف التدريبية من الواقعية قدر الإمكان”. وتبقى مشاركة الجزائر في بطولة العالم لألعاب القوى لذوي التحدي والهمم بنيودلهي محطة استراتيجية هامة في التحضير للدورة البارالمبية المقبلة، حيث أظهر الجيل المخضرم قدرته على الاستمرار في التألق، بينما بدأت العناصر الجديدة في حصد الميداليات ولإبراز إمكانيات معتبرة، مما يمنح الأمل والتفاؤل لمستقبل مشرق لهذه الرياضة في الجزائر.
