ويدخل في جملة هذا المنشور، صيام شهر شعبان؛ يستحب للمسلم أن يهيء نفسه بالصيام، حتى يكون على أهبةٍ في شهر رمضان، وهذا كذلك حتى في الصلاة، من يصلي النوافل ويبكر للمسجد، ليس كمن يتوضأ مع الآذان، ويذهب إلى المسجد، فكلاهما امتثلا لأمر الله، غير أن الأولَ جهز نفس إيمانياً .
يقول الشاطبي: «فالمندوبات بمنزلة الحمى والحارس للواحبات إذ هي رياضةٌ للنّفس…»
وهذا الصيامُ يسميه الفقهاءُ : صيامَ التّطوع، وعليه تنبنى بعضُ المسائل. هل يشترط تبيتُ النية لمن أراد التطوع..؟
ذهب جمهورُ الفقهاء إلى عدم اشتراط النيّةِ في صوم التّطوع، خلافا للمالكية، واستدل الجمهور بحديث عائشة أم المؤمنين قالت : دخَل علَيَّ النَّبيُّ ﷺ، فقال: «هل عندَكم شيءٌ؟ فقُلْتُ: لا، قال: إنِّي إذًا أصومُ..»
ويصح أن ينوي لصيام التطوع إلى ما بعدَ الزوال، فإذا لم يأكل المرءُ ، ثم تبينَ له أن يصومَ مع وقت صلاة الظهر جازَ له ذلك، وهذا القول أثر عن جماعةٍ من الصحابة رضي الله عنهم.
ومن المسائل المتعلقة بصيام التطوع أن الصائم أميرُ نفسه إن شاء صام، و إن شاء قطعَ صيامه، فعن عائشة قالت: يا رسولَ اللهِ، إنَّه أُهدِيَ لنا حَيْسٌ، فخبَأْتُ لكَ منه. قال: أَدْنيهِ، أما إنِّي قد أصبَحتُ وأنا صائمٌ. فأكَلَ منه، ثمَّ قال: «إنَّما مَثلُ صَومِ المُتطوِّعِ مَثلُ الرجُلِ يُخرِجُ مِن مالِه الصَّدَقةَ، فإنْ شاء أَمْضاها، وإنْ شاء حبَسَها.»
رواه مسلم (1154)، والنسائي (2322).