في تصريحات حصرية ليومية «الروح الرياضية»، تحدث البطل الجزائري والإفريقي فتحي نورين، عن مشاركته الأخيرة في أولمبياد طوكيو والحدث الأبرز الذي ميز هذه المغامرة وهو قرار مقاطعة منازلة محتملة كانت ستجمعه بمصارع ينتمي للكيان الصهيوني الغاشم. وما أثاره القرار من ردود أفعال متباينة. كما عاد ابن الباهية وهران، للحديث أيضا عن أهم المشاكل التي اعترضت طريقه ولا تزال تقف حاجزا أمام تحقيق المزيد من الألقاب والتتويجات سواء على المستوى القاري أو حتى على المستوى العالمي، تابعوه في الحوار التالي.
ياسين سليني رئيس «إتحادية السيلفيات» وليس الجيدو
ـ كيف سارت التحضيرات التي سبقت موعد الأولمبياد ؟
صراحة التحضيرات لم ترقى لمستوى الاستعداد الخاص بموعد أولمبي كبير يتكرر مرة كل أربع سنوات. وكانت كلها محلية فقط من خلال تربصات في السويدانية وتيكجدة وفي مثل هكذا مناسبات من المفروض أن يكون هناك برنامج خاصة للرياضي يشمل تربصات دولية ومشاركة في دورات عالمية لكن هذا أفقدناه كلية وكان استعدادنا مجرد «بريكولاج» من اتحادية الجيدو. ولما عرضت مشكلتي على السيدة سليمة سواكري راسلت السفير الياباني على أساس استفادتي من تربص عالي المستوى هناك في اليابان وطلبت من رئيس الاتحادية إتمام الأمر، والاشتغال على هذا الموضوع، لكن سي سليني رئيس الإتحادية عند زيارته لمقر السفارة اليابانية اكتفى فقط بصور السيلفي وراح يوهم الجميع أنه بصدد بذل مجهودات خدمة للجيدو الجزائري، لكن الحقيقة شيء آخر فلا تربص ولا هم يحزنون. والشيء الذي أثر أكثر على وضعي ليس سوء التدريبات فقط بل أيضا الحالة المادية التي كنت أعاني منها حيث لم أستفد لا من المنح الخاصة ببطولة إفريقيا دورتي مدغشقر والسنغال ولا من الأجر الشهري من فريقي المجمع البترولي، الأمر الذي دفعني للاستدانة من المقربين حتى أغطي مصاريفي اليومية باعتباري لا أملك أي دخل عدا ما أتقاضاه من فريقي «الجي أس بي» والمنح الخاصة بالمشاركة مع المنتخب. ومن المفروض كمتأهل للألعاب الأولمبية أن يكون عندي منحة خاصة لضمان التحضيرات وبرنامج خاص يشمل تربصات ومشاركات في دورات دولية .. هكذا يتم التحضير للألعاب الأولمبية.. وما صدمني أكثر هو أنه هناك رياضيين استفادوا من المنح رغم أنهم لا يملكون أي ألقاب مثل التي أهديتها للجزائر أما أنا فلا أدري أين ذهبت منحة التضامن الأولمبي الخاصة بي لحد هذه اللحظة؟ وبطبيعة الحال وضع مثل هذا سيؤثر على الرياضي نفسيا ويولد لديه شعورا بالتجاهل، كما شعرت أن هناك عراقيل مقصودة تستهدفني بشكل خاص. فلا إمكنيات ولا دعم مادي ولا طريقة عمل واضحة ولا احترافية من طرف الإتحادية في معالجة الأمور وتنظيم بيت الجيدو والأمور بالجملة كانت تمشي بشكل عشوائي. أنا عندي عائلة أتحمل مصاريفها، فكان على الإتحادية أن تراعي هذا الجانب حتى أركز فقط على تدريباتي وأستعد بشكل جيد لرفع الراية الوطنية في المحافل الدولية. المهم ورغم ذلك واصلنا الاستعداد إلى أن جاء موعد التنقل إلى اليابان. وبعد رحلة شاقة دامت يومين في غياب المرافقة من طرف أعضاء البعثة وعبر مطار بانكوك خلافا للأعضاء المشرفين على الوفد الذين تنقلوا مباشرة إلى طوكيو بأريحية وكأنهم هم المعنيين بالمنافسة وليس نحن، وهنا أشير إلى أنه من المفروض الرياضي هو من توفر له الأجواء المناسبة وسبل الراحة وليس الأعضاء المشرفين على البعثة لأن الأمر يتعلق بمنافسة وبتمثيل الجزائر في محفل رياضي دولي وليس رحلة سياحية، لفائدة أشخاص غير معنيين بالمنافسة. المهم عند وصولنا لليابان لم نجد ولا عضو في انتظارنا، وجدنا فقط اليابانيين الذين أخذونا لبناية أخرى غير مقر إقامة الوفد الجزائري.. صراحة «الدعوة كانت هاملة هناك». ورغم كل هذه الظروف تحدينا وحاولنا مباشرة التدريبات والتحضير للمنافسة حتى جاء موعد القرعة يوم 22 جويلية أين صدمت بنتائجها.
لدي شعور بعدم مصداقية قرعة الأولمبياد وأنها مقصودة
ـ كيف استقبلت نتيجة القرعة التي أوقعتك في منازلة محتملة أمام مصارع من الكيان الصهيوني؟
صراحةتأثرتشديدالتأثر،ومسبقاكانتلديمخاوفمنحدوثالأمروزادتأثريبعدماأوقعتنيالقرعةفيمواجهةمحتملةمعمُنافسمنالكيانالصهيوني،حيثكانمنالمقررأنأواجهلاعبالسودانيفيالمباراةالأولىفيدورالـ64، مع احتمالية أن ألتقي في دور الـ32 مع الصهيوني بوتبول طاهار. وبعد التشاور مع مدربي عمار بن يخلف اتخذنا قرارا بالانسحاب ولم تكن هذه المرة الأولى التي توقعني القرعة في مواجهة هذا المصارع الصهيوني إذ سبق أن وقع ذلك ببطولة 2019 في طوكيو. وفي مناسبات أخرى، وكل مرة كنت أتخذ قرارا بالانسحاب ومع تكرر هذا الأمر، تولد لدي إحساس وشعور بكون هناك تلاعب بنتائج القرعة وكأن هذه المنازلة المحتملة مع مصارع من الكيان الصهيوني كانت مقصودة. ويراد بها دفع الجزائر للتخلي عن مواقفها وجرها نحو التطبيع الرياضي مع الكيان الصهيوني.
تأثرت كثيرا بسبب موقف حسيبة بولمرقة
ـ هذه ليست المرة الأولى التي تواجه فيها هذا المصارع، أليس كذلك؟
نعم هذه ليست المرة الأولى التي توقعني القرعة مع منافس من الكيان الصهيوني وليست المرة الأولي التي أقدم فيها على مثل هذه الخطوة، فقد أوقعتني القرعة معه 3 مناسبات ومرة أخرى مع مصارع آخر وكل مرة كنت أتخذ قرارا بالمقاطعة فقد انسحبت من بطولة العالم للجودو سنة 2019 في طوكيو حينما كنت سأواجه نفس اللاعب الصهيوني. لأن موقفي من مواقف بلادي الجزائر وهو موقف ثابت من القضية الفلسطينية، وأرفض التطبيع وإن كلفني ذلك الغياب عن الألعاب الأولمبية، وسيعوضنا الله». المهم بعد صدور نتائج القرعة، اجتمعت مع مدربي عمار بن يخلف وكنا نبحث عن طريقة أخرى لتفادي المواجهة حتى نتفادى العقوبات، ثم وصلتنا معلومات أن المصارع السوداني يرفض هو الأخر منازلة المصارع الصهيوني، المهم قررنا استغلال حصة العرض على الميزان كوسيلة تجنبني مواجهة المصارع الصهيوني والشيء الذي ألمني وأثر في هو أنه لم يتصل بي أي شخص من الأعضاء المشرفين على الوفد وشعرت بصدمة أكبر عندما اجتمعا يوم 23 جويلية مع أعضاء البعثة ورئيستها حسيبة بولمرقة التي كلمتني بأسلوب كله تهديد وتخويف ومارست علي كل الضغوط حتى أتراجع عن قرار الإنسحاب، حتى أنها قالت لي أن العقوبة ستطال الجميع بما في ذلك المنتخب الوطني لكرة القدم ومع ذلك تمسكت بموقفي لأنه موقف بلدي الجزائر شعبا وحكومة وأمضيت على تعهد بتحمل المسؤولية لوحدي حتى لا تطال الوفد الجزائري في اليابان وأعتبر موقفي نصرة للأقصى والقضية الفلسطينية لأني لا أقبل أن يذكر اسم الكيان الصهيوني الغاصب في المحافل الدولية أو أن يكون مقترنا باسم الجزائر.
رفضت أن يتلطخ إسم الجزائر ومواقفها الداعمة للأقصى
ـ هل أنت نادم على قرار الانسحاب ؟
لا يمكن أن أشعر بالندم عن قرار من صميم سياسة بلدي الجزائر وقراري بالانسحاب أهم من أي شيء رغم أني أضعت سنوات من التدريب والاستعداد لنيل ميدالية أولمبية ولست نادما لأن الرسالة التي أردت إيصالها للعالم هي أن القضية الفلسطينية قضية عادلة والكيان الصهيوني كيان محتل ونحن كجزائريين وكمسلمين لا نقبل بهذا. وأردت مشاركة العالم هذه المبادئ لمناصرة القضية الفلسطينية والحمد لله الرسالة وصلت وسُمعت عاليا ويترجم ذلك بغضب وسائل إعلام الكيان الصهيوني من هذا الانسحاب وكل هذه التداعيات والانتقادات الإعلامية لقراري.
«بريكولاج» الإتحادية انعكس سلبا على تحضيرات الرياضيين
ـ لنعد للحديث عن مشاركتك في البطولة الإفريقية في نسختي مدغشقر ودكار، كيف جرت الأمور؟
المشاركة في بطولة افريقيا في مدغشقر ، جاءت وسط ظروف صعبة كون العودة كانت مباشرة بعد الرجوع من فترة الحجر الصحي حيث بدأنا التحضيرات بشكل متأخر قبل حوالي شهرين من بداية المنافسة ولم تكن مدة التحضير كافية زيادة على انعدام الظروف المناسبة للتحضير وعليه كانت النتيجة بالنسبة لي سلبية حيث اكتفيت بالميدالية البرونزية وبعدها استأنفت التدريبات بشكل أفضل وبدأت المشاركة في الدورات الدولية لتحصيل العدد كافي من النقاط لضمان التأهل لأولمبياد طوكيو والحمد لله استعدت لياقتي وإمكانياتي وعوضت إخفاق مدغشقر باللقب الافريقي في نسخة دكار بالسنغال من البطولة الافريقية وهذا ساعدني كثيرا لنيل تأشيرة أولمبية كأحسن مصارع جزائري وساعدتني في التصنيف العالمي.
أملي كبير في السلطات العليا للبلاد حتى أتجنب العقوبة الدولية
ـ كلمةأخيرة
أتمنى أن يكون هناك تدخل من السلطات العليا للبلاد ممثلة في السيد عبد المجيد تبون رئيس الجمهورية وكذا السيد وزير الشباب والرياضة على مستوى الهيئات الرياضية الدولية واخص بالذكر الإتحاد الدولي للجيدو حتى لا أتعرض لعقوبة من شانها أن تنهي مشواري الرياضي فأنا شرفت الجزائر والشعب الجزائري في الكثير من المحافل القارية والدولية وشرفتها أيضا بقراراتي ومازال أمامي مشوار رياضي وقادر على حصد المزيد من التتويجات كما أطالب بفتح تحقيق حول كل الأشخاص الذين قاموا بالضغط علي لأجل المشاركة والتراجع عن قرار الإنسحاب من مواجهة مصارع من الكيان الصهيوني. وفي الأخير وفي ظل الظروف الصحية التي تمر بها الجزائر أطالب كل الجزائريين بالفطنة والحذر واحترام قواعد وأسس البروتوكول الصحي لمحاربة فيروس كورونا وحتى نكون عونا لسلطات بلادنا في محاربة هذا الفيروس القاتل والصبر حتى نتجاوز هذه المحنة وأسال الله أن يرفع عنا الوباء والبلاء وأن يسارع الجزائريون للتضامن فيما بينهم وهو أمر يشرفنا كجزائريين ونتمنى دائما الأمن والأمان والرقي لوطننا الغالي.
حاوره : زوبير بوزيدي