الجزء الثاني
يواصل السيد صالح باي عبود، الناطق الرسمي للمنتخب الوطني لكرة القدم، في الجزء الثاني من الحوار الحصرى الذي جمعه بيومية «الروح الرياضية»، سرد تفاصيل وفصول أجمل رواية كتبها محاربو الصحراء خل السنتين الأخيرتين، عبود تطرق لآليات وميكانيزمات النجاح الذي حققه المنتخب الوطني، كما كشف عن الإضافة التي أتى بها السيد جمال بلماضي وزير السعادة كما يحلو للجزائريين مناداته.
-
سر النجاح هو العمل، الإتقان، النية الصادقة والكفاءة
-
بلماضي غرس في النفوس ثقافة الإنتصار والثقة بالنفس
-
الجزائر ساهمت بشكل كبير في إنجاح العرس العربي
-
البعض إنتقد قائمة بوڤرة وبعد التتويج إلتزم الصمت !!!
-
طوينا صفحة… «المشاركة من أجل المشاركة فقط»
-
لاعبونا أعطوا مباريات كأس العرب بعدا موندياليا
-
بونجاح بكى كثيرا بسبب تضيع مباراة الدور ربع النهائي
-
المنتخب الوطني لعب دورا يشبه دور البطل في فيلم من نوع «الواسترن»
وتحدث أيضا عن عودة الفنان ياسين براهيمي للواجهة مجددا بعد عروض عالمية في مونديال العرب، كما تطرق لبروز مواهب شابة ستكون بمثابة أعمدة مستقبلية للخضر وأيضا لاعبون آخرون كانوا ينتظرون الفرصة، فما إن أتيحت لهم حتى استغلوها أيما استغلال وأكدوا إمكانياتهم وقدراتهم في صورة سفيان بن دبكة، فكافأهم الكوتش بلماضي نظير اجتهادهم ومواظبتهم وإصرارهم على التألق واستدعاهم للدفاع عن الألوان الوطنية في «كان» الكامرون، كل ذلك ستحمله السطور التالية من تكملة الحوار في جزئه الثاني تابعوه.
من الطبيعي أن يلقى أي إنسان صعوبات في أداء مهامه في منصب يكون جديدا عليه فهل سي عبود من هذه الفئة؟
الحمد لله وبتوفيق من الله نجحت في أداء مهامي الجديدة على أكمل وجه وهذا بفضل الإرادة والإخلاص في العمل والرغبة في تقديم خدمة راقية لوطني. ومنذ شهر سبتمبر 2019 وأنا مع المنتخب الوطني الأول على رأس لجنة الإعلام والإتصال على مستوى الفاف، حتى شهر جويلية 2021 عند مجيء السيد شرف الدين عمارة الذي كانت لديه نظرة جديدة من خلال تبني منهج التغيير، فعين مديرا جديدا لخلية الإتصال والماركيتينغ، أما أنا فاحتفظت بمنصب مكلف بالإعلام على مستوى المنتخب الوطني الأول ومع باقي المنتخبات الوطنية الأخرى وفي مختلف الأصناف والنشاطات الكروية، وواصلت أداء مهمتي على أكمل وجه لأنني أحب كرة القدم وهدفي الأساسي هو تقديم خدمات راقية للكرة الجزائرية ولبلدي وخدمة الهيئة الكروية التي أنتمي إليها والحمد لله كل الأشخاص الذين أتعامل معهم ألقى منهم كل الاحترام والتقدير سواء عامر شفيق أو راضية فرتول وأيضا أعضاء المكتب الفيدرالي للاتحادية ورئيسها السيد شرف الدين عمارة، وكل من طلب خدماتي يجدني حاضرا في إطار المعقول وفي إطار كفاءتي بكل احترام واحترافية. ونحن نواصل التعلم بشكل يومي سواء من أناس أكبر منا أو أصغر منا ولا حرج في ذلك وكانت لي الفرصة لاكتساب المزيد من الخبرة والمعارف في كأس العرب والتي كانت أول منافسة دولية رسمية بالنسبة لي كمكلف بالإعلام على مستوى المنتخب الوطني، لمدة 6 مباريات في ثلاث أسابيع وما تخللها من نشاط إعلامي ممنهج ومكثف مع الفيفا والجميع يعرف مستوى هذه الهيئة وطريقة تعاملها في هذا المجال ولكن الحمد لله وفقنا في ما قدمناه والأمور تسير على أحسن ما يرام ونحن الآن على بعد أيام قليلة من بداية أكبر حدث كروي على صعيد القارة السمراء وإن شاء الله سنواصل المشوار ونواصل خدمة وطننا الجزائر من خلال المنتخب الوطني ومن خلال الهيئة التي أنتمي إليها وهي الاتحادية الجزائرية لكرة القدم ومن خلال تجربتي في مجال الإعلام والتي سمحت لي بالتعرف على رجال في كل الميادين واكتساب المزيد من المعارف والثقافة الخاصة بكرة القدم وهذا من خلال المطالعة والكتابة ومتابعة أخبار كرة القدم، طبعا دون نسيان ممارسة الرياضة حيث أسبوعيا أشارك في على الأقل مباراة حتى أبقى على اتصال دائم بالوسط الرياضي والاطلاع على مستجدات الكرة وأيضا كانت لي الفرصة من خلال تكليف من رئيس الفاف السابق بوضع أسس المركز الوثائقي لكرة القدم والحمد لله، حاليا أصبح هذا الصرح جاهزا ومن الممكن خلال الأسابيع القادمة سنقوم بتدشينه بعد العودة من الكامرون وهذا الهيكل سيجمع ذاكرة كرة القدم الجزائرية وهناك أيضا فكرة لإنشاء متحف للكرة الجزائرية وشرف لي أن أساهم في مثل هذه الأشياء التي تشرف الكرة الجزائرية لأنني دائما في خدمة الوطن كما كان لي الشرف أيضا أن ساهمت في التتويج بكأس العرب وأفتخر بكوني عشت هذه المغامرة مع المنتخب الوطني وهو شرف يتمناه الكثير. وقد تعلمت الكثير خلال هذه المنافسة وأعطيت للمنتخب كل ما أستطيع كما تعرفت عن قرب على رجال وأناس مخلصين للوطن على كل المستويات سواء كانوا لاعبين، أفراد الطاقم التقني، أو إداريين والشيء الذي استنتجته خلال هذه المغامرة هو أن سر النجاح الذي حققه جمال بلماضي وعبد المجيد بوقرة هو العمل، الإخلاص، الإتقان، النية الصادقة لخدمة الوطن والتضحية، طبعا مع الكفاءة.
قائمة المجيك الخاصة بكأس العرب كانت عرضة للكثير من الانتقادات، فكيف استقبلتم ذلك أو كيف تعاملتم مع الوضع؟
بالنسبة للمنتخب الوطني الذي شارك في كأس العرب، أعتقد أن عبد المجيد بوقرة قام بالاختيارات الصحيحة رغم أنه في البداية أثناء عرض القائمة تعرض للكثير من الانتقادات لكن المشكل أنه هناك نوعان من الانتقاد، هناك من ينتقد بشكل موضوعي هادف وبنّاء وهناك من يتجاوز كل الحدود في الانتقاد، ممن عندهم «شوية زيادة في القباحة» بمفهومها العامي ، سواء من قطاع الصحافة أو غيرها وهذا شيء نعرفه مسبقا بحكم تجربتنا في مجال الإعلام و إطلاعي العميق على واقع الكرة الجزائرية لأن هؤلاء المنتقدين يفتقدون بثقافة التحليل العميق والمنهجي لأي حدث كروي، لكن الحمد لله هؤلاء المنتقدين ليسوا كُثر والغريب دائما نراهم يتراجعون عن انتقاداتهم يعني كل مرة «يقلبوا الفيستة»، اليوم يقولون شيئا وغدا يقولون شيئا آخرا، وقد تعودنا عليهم ولا يهم مايقولون، لأن الناس المشرفين على المنتخبات الوطنية هم لاعبون دوليون سابقون صنعوا أمجاد الكرة الجزائرية وصنعوا أفراح الجزائريين أولا كلاعبين ثم قاموا بالتكوين والتعلم واليوم فرضوا أنفسهم كتقنيين شبان، على رأس المنتخبات الوطنية والبداية كانت بجمال بلماضي، 46 سنة مارس المقبل، ثم مجيد بوقرة أصغر مدرب في منافسة كأس العرب بـ 39 سنة أكتوبر الماضي، وهم محاطون بأناس ذوو كفاءة وتأهيل سواء في الأطقم الطيبة، المساعدين، مدربي الحراس، المحضرين البدنيين، محللي الفيديو، المناجرة، المشرفين على العتاد وغيرهم و كل هذه العائلة تحمل نفس الهدف وهو تشريف كرة القدم الجزائرية وهذا هو سبب النجاح وهذه الجزيئات أو المكونات هي المنهج الذي تعتمد عليه المنتخبات الكبيرة لتحقيق النجاح .
هل كان التتويج هدفا منذ البداية أم أن الشهية أتت مع الأكل؟
بخصوص البطولة العربية فقد كان في ذهننا منذ البداية عدم الذهاب إلى قطر من أجل تدوين الحضور أو الاكتفاء بالمشاركة فقط، الجميع تقاسم هذه الذهنية وهذا الهدف من أفراد الطاقمين التقني والطبي واللاعبين، مرورا بالمسيرين والإداريين ووصولا إلى المسؤولين عن العتاد، الكل كان يهدف للعودة بالتاج العربي وتشريف الراية الوطنية وأود أن أشير إلى شيء وهو منذ مجيء بلماضي على رأس المنتخب الأول غرس في نفوس الجميع، ثقافة الانتصار والثقة بالنفس والإيمان بالقدرات الذاتية وعلى هذا الأساس كان عمل الكتيبة التي مثلت الجزائر في مونديال العرب، مبني على التكاتف بين الجميع دون أنانية ودون إهمال أو تقاعس والهدف الوحيد طبعا هو تشريف الجزائر وإعلاء الراية الوطنية وإفراح الشعب الجزائري ثم تأتي الجوانب التقنية التي تبقى من مهام المدربين على غرار الاختيارات الفنية، التكتيك والاستراتيجية ووضع التشكيل الأساسي وهي من صلاحيات أصحاب القرار سواء بلماضي بالنسبة للمنتخب الأول وبوقرة بالنسبة للمنتخب الثاني ومساعديه، مصباح جمال الدين ومحمد بن حمو الذي وبكل أسف ضيع متابعة اللقاء النهائي بسبب فيروس كورونا وضع أيضا الإستقبال الأسطوري الذي خص به المنتخب الوطني في الجزائر وكذا التكريم من طرف السلطات العليا في البلاد، بسبب خضوعه للحجر الصحي، والحمد لله تضحيات كل هؤلاء لم تذهب سدى بسبب انضباط اللاعبين الذين كانوا مثاليين في التدريبات وفي المباريات وبذلوا كل ما يستطيعون بذله وبرهنوا على حبهم للمنتخب الوطني بالمشاركة والتضحية ، فمثلا بغداد بونجاح بكى كثيرا لعدم مشاركة زملائه ضد المغرب بسبب خضوعه للبروتوكول الطبي لكن الحمد لله عاد فيما بعد وساهم في التتويج الذي يبقى لقبا تاريخيا ثانيا لأن كرة القدم الجزائرية حصدت لقبين كبيرين وخارج أرضها في ظرف سنتين وفي ظروف استثنائية في مصر أول مرة كأس إفريقيا تجري بمشاركة 24 فريقا، وفي كأس العرب أيضا في ظروف استثنائية في بلد يحضر لاستضافة المونديال وعلى ملاعب ستحتضن مباريات المونديال وفي منافسة لأول مرة تجري تحت لواء الفيفا، منافسة أشبه بمونديال مصغر وأود أن أشير إلى أن الجزائر ساهمت بشكل الكبير في إنجاح هذا الموعد بطريقة غير مباشرة وساعدت الفيفا بدليل التهنئة التي وجهها رئيس الفيفا للجزائريين واعترافه أن الجزائر أعطت بعدا موندياليا لهذه الدورة، كما أن مسؤولي الفيفا لم يكونوا ينتظرون كل هذا النجاح الذي حققته الدورة من حيث مستوى اللعب، من حيث المتعة و الجاذبية، و المتابعة الجماهيرية كما أن كل مباريات الخضر كانت هي الأحسن في الدورة سواء ضد المصر أو المغرب ثم قطر ثم أمام تونس في النهائي، فالمنتخب الوطني كان بمثابة الممثل الرئيسي أو مثل بطل فيلم من نوع الوستارن في مونديال العرب، لأن الجزائر من خلال الفاف ومن خلال الكوتش جمال بلماضي والمجيك أعطوا لمنافسة كأس العرب الأهمية التي تستحقها بدليل أن بلماضي وضع تحت تصرف بوقرة عدد من لاعبي المنتخب الأول للمحافظة على روح المنافسة وجاهزيتهم للمشاركة في كأس إفريقيا، طبعا مع أسماء أخرى شابة لاكتساب الخبرة و التجربة في موعد شبه عالمي والحمد لله الهدف تحقق ببروز أسماء شابة مثل محمد الأمين توغاي 21 سنة فقط والذي استغل الفرصة وبيّن عن قدراته وحاليا استدعي للمنتخب الوطني الأول وكذا لاعبون آخرون كانوا في الخلف ينتظرون الفرصة مثل سفيان بن دبكة وإلياس شتي وأيضا ياسين براهيمي الذي عاد بكل قوة بعد عامين من كأس إفريقيا ورغم أنه كان بعيدا نوعا ما عن المنتخب الأول لخيارات فنية لكنه عاد بكل قوة وأثبت أن «عمر اللاعب في ساقه وليس بما هو مدون على الأوراق» وأظن أن براهيمي هو نموذج اللاعب المثابر والمجتهد الذي لم ييأس وعاد بكل قوة في مونديال العرب وقدم فنيات أبهرت الجميع وختم الدورة بلقب أحسن لاعب كما كان ثاني هدافي الدورة وأحسن صانعي الأهداف فضلا عن تتويجه باللقب مع المنتخب الوطني وهذا درس للجميع فكل لاعب يمكنه إعادة بعث مسيرته الكروية فلا يوجد مانع للعودة وحتى عالميا شهدنا الكثير من هذه الحالات مع نجوم كبار لعل أبرزهم رونالدو المهم أن يحافظ اللاعب على تلك الروح والعزيمة والإصرار على التألق حتى يكون مثالا وقدوة للاعبين الشبان…
حاوره : رضوان بن مومة
يتبع