الجزء الثالث
- لا أشكك في وطنية أحد، لكن بعض البلاطوهات فرحت بالإقصاء واستغلته لمهاجمة بلماضي
- سأواصل الدفاع عن الكوتش جمال لأنه مظلوم و«محڤور»
- تحية تقدير للجالية الجزائرية التي آمنت بعدالة قضيتنا
- من لم يرد الدفاع عن مصلحة الجزائر فليرحمنا بصمته
- بلماضي إنسان يخطئ ويصيب، لكن حقق انجازات ستبقى خالدة في تاريخ الكرة الجزائرية
في الحلقة الثالثة من حواره مع يومية «الروح الرياضية»، تحدث الإعلامي القدير كمال مهدي، عن تفاصيل مباراة المنتخب الوطني مع نضيره الكاميروني في إياب لقاء السد وعن الصدمة التي تلقاها كغيره من الجزائريين الغيورين على منتخب بلادهم، كما تحدث عن الإنقسام الذي شهدته الأسرة الإعلامية الجزائرية، بين مدافع إلى درجة الإستماتة عن حق المنتخب الوطني الذي هضم جهارا نهارا، تحت أنظار العالم وبين من حاول ترويج تبريرات أخرى للهزيمة والإقصاء من خلال تحميل المسؤولية للناخب الوطني واللاعبين، كما تحدث عن قراءته لبيان لجنة التحكيم التابعة للفيفا، كل ذلك ونقاط أخرى تجدونها في السطور التالية.
كسبت احترام الجماهير وتعرفت على الرجال من خلال الإعلام الرياضي
ـ ماهي الأشياء التي أضافها لك الإعلام الرياضي في مختلف مناحي حياتك الشخصية والعامة؟
على الصعيد الشخصي، مكنتني ممارستي لهذه المهنة، من صنع إسم وسط الجمهور الرياضي وكسب إحترامه وتعرفت من خلالها على رجال داخل الوطن وخارجه وهذا شيء اعتز به وأفتخر، ولا شيء يساوي ذلك الاحترام الذي ألقاه من الجمهور أينما ذهبت، ومن الناحية الأكاديمية، فقد أثريت رصيدي المعرفي والثقافي، لكن مازلت أتعلم وسأواصل التعلم، أتعلم حتى من ضيوفي وبكل تواضع، وشعاري دائما، من علمني حرفا صرت له عبدا، أتعلم أيضا من أخطاء ومن خبرة زملاء آخرين، الإعلام الرياضي أيضا حسن من حالتي الاجتماعية حتى نكون منطقيين وغير ناكرين لأهمية هذه المهنة في حياة المنتمي إليها من خلال التعرف بالرجال، وهنا أود أن أنصح نفسي أولا وزملائي الإعلاميين ثانيا، إياكم والغرور لأن الغرور مقبرة النجاح، كما أنصح كل راغب في ممارسة هذه المهنة الشريفة أن يكون متواضعا مع الجميع وعليه أن يعامل الآخرين باحترام مهما كانت حالته النفسية، لأن الإعلامي شخصية عمومية يقصدها الجمهور المحب للرياضة، قصد الحصول على معلومة أو التأكد من صحة معلومة أخرى، وهنا يكون الإعلامي مطالبا بحسن الاستماع لإنشغالات من يقصده ولا ينهره ولا يتجاهله، مهما كانت الظروف، وحسن التواصل مهم لأن الجمهور ينظر للإعلامي على أساس أنه نموذج وقدوة لهذا عليه أن يعطي صورة إيجابية لهذه المهنة، وأيضا صورة إيجابية تعكس تربيته والبيئة التي نشأ فيها.
كأيّ جزائري تلقيت صدمة كبيرة في إياب فاصلة المونديال
ـ لنعد للحديث عن لقاء الجزائر مع الكاميرون، كيف تلقى كمال مهدي صدمة المجزرة التحكيمية لغاساما بملعب تشاكر؟
كنت حينها بملعب تشاكر، معلقا على المباراة لفائدة إذاعة البهجة، صراحة تلقيت صدمة كبيرة كغيري من الجزائريين، ما حدث لا يمكن وصفه إلا بالنكسة التي ألمت بـ 45 مليون جزائري داخل الوطن وخارجه وفي مختلف المستويات، من المسؤول الأول في البلاد إلى المواطن البسيط، وأعتقد أنها أول نكسة كروية بهذا الحجم وبهذا الضرر تعيشها كرة القدم الجزائرية، صحيح سبق لنا وأن أقصينا من عدة منافسات وفشلنا في بعض التتويجات، لكن ليس بهذا الوقع والتأثير والسبب طبعا هو سيناريو الأحداث التي عرفتها المباراة وبما قام به الحكم الغامبي الذي ذبحنا من الوريد إلى الوريد وظلم المنتخب الوطني وظلمنا كبلد بشكل عام. وهنا أود أن أؤكد أن الحكم غاساما كان موجها من طرف أجندات خارجية نسجت خيوط مؤامرة هدفها زعزعة استقرار الجزائر وضرب وحدة الجزائر، من خلال حرمان المنتخب الوطني من تأشيرة المونديال وحرمان 45 مليون جزائري من فرحة التأهل والمشاركة في مونديال قطر، والأمر يتعدى إطار مباراة في كرة القدم، لقد أمضيت تلك الليلة على وقع الصدمة وهذا ما لمسته على وجوه أفراد عائلتي ولمسته في اليوم الموالي على وجوه كل الجزائريين وكان رجائي الوحيد أن يعوضنا الله عنها خيرا ويعيننا على الخروج من آثارها السلبية، لذلك عندما لمحنا ذلك البصيص من الأمل في إمكانية مراجعة الفيفا لشريط المباراة والتدقيق في الأخطاء التحكيمية دافعت عن الملف بضراوة وبانفعال ولازلت أدافع عنه بكل قوة، خلافا لبلاطوهات إعلامية أخرى، إستغلت الإقصاء لتوجيه سهامها نحو المدرب بلماضي وأقول هذا الكلام ليس من باب التشكيك في وطنيتها، لكن اعتقد أن هناك من استغل هذه النكسة الكروية والإخفاق في التأهل إلى المونديال لضرب وانتقاد الناخب الوطني. لأن المدرب جمال بلماضي كان في المنعرج أو «الفيراج» والبعض كان يتربص به وينتظر لحظة السقوط، متناسين أو متجاهلين أن جمال بلماضي قبل أن يكون مدربا، هو إنسان يخطئ ويصيب، لكنه حقق نتائجا وإنجازات ستبقى خالدة في تاريخ الكرة الجزائرية، أهمها العودة بكأس إفريقيا من مصر، سلسلة 35 مباراة دون هزيمة، لعبنا في أعلى المستويات، فزنا على منتخبات عالمية، فلما كل هذا الهجوم على رجل يمثل البلد ويدافع عن الألوان الوطنية؟، ليس جمال بلماضي من أقصى المنتخبن وليس هو من لم يكن في المستوى، بل بكاري غاساما هو الذي غير مجرى اللقاء، بالنسبة لي الكوتش جمال وفق في اللقاء إلى أبعد حد، في الخيارات في الاختيارات، في الفرص التي أتيحت لنا، في مستوى اللاعبين، في التغييرات التي قام بها وحتى في طريقة اللعب كان موفقا، لكن بكل أسف البعض فرح لإقصاء الخضر ومن حسن الحظ أنهم قلة قليلة، والمشكل الأساسي في ذلك أن هذه الجهات أخلطت بين الحسابات الشخصية الضيقة والمصلحة العامة للمنتخب الوطني والجزائر بشكل عام.
بيان لجنة التحكيم لم يتضمن أي إشارة لغلق ملف السد بشكل نهائي
ـ كيف قرأ الإعلامي كمال مهدي البيان الأخير الفيفا؟
بالنسبة للبيان الأخير للفيفا أو بيان لجنة التحكيم بمعنى أدق، فقد قرأته عديد المرات بنسخته الفرنسية والعربية، البيان هو إرسالية من اللجنة تقول إنها نظرت في أخطاء الحكم ودققت النظر في قراراته وما استخلصته هذه اللجنة هو أن حكام «الفار» بملعب تشاكر، قاموا بعملهم على أحسن مايرام، لكن في البيان لم توجد أي إشارة لقرار نهائي ولم يتضمن ترسيم إقصاء المنتخب الوطني وتأهيل المنتخب الكاميروني وإغلاق الملف نهائيا، إلا إذا كان أعضاء الإتحادية الجزائرية يخفون عنا شيئا ما وهذا أمر لا يعلمه إلا الله، لذلك سأبقى محتفظا ببصيص الأمل هذا إلى آخر رمق وحتى لو كان هناك قرار نهائي سلبي سأبقى أدافع عن بلادي وعن منتخب بلادي إلى غاية ليلة إنطلاق المونديال، لأني أؤمن بقضية وأدافع عن قضية وهي أن الحكم غاساما ظلمنا وجهات أجنبية فعلت كل ما بوسعها لحرمان المنتخب الوطني والجزائر بشكل عام من الوصول إلى مونديال قطر. وما يحز في نفسي أكثر، هو أن البعض فسر البيان على أنه رد نهائي من لجنة التحكيم وغلق للملف بشكل نهائي بإقصاء الخضر وتأهيل الكاميرون وخرج مبتسما، فرحا، يستعرض عضلاته في البلاطوهات، صراحة لم أشاهد في حياتي جزائريا يفرح لأحزان أبناء وطنه، ويصرح بكل تفاخر «قلنا ليكم إن المباراة لن تعاد» !!! وكأنه كان في سريرته يتمنى حدوث ذلك، والله تساءلت مع نفسي، هل يعقل أن يكون صاحب هذه التصريحات والتعليقات جزائري؟ هل هذه البلاطوهات جزائرية أصلا؟ هل هؤلاء الصحفيين والمحللين ينتمون إلى الجزائر؟، تساؤلات وحيرة إلى درجة أن الشكوك ساورتني في نفسي. أعتقد أنه لو تعلق الأمر بإعلام آخر من دولة أخرى، من مصر مثلا أو من العراق أو غيرهما، ما كنا سنشاهد ونسمع ما حدث على البلاطوهات الجزائرية من سلوكيات سلبية ضد مصلحة المنتخب الوطني عموما وتحامل على الناخب الوطني بشكل خاص، وعموما أعتقد أن القرار النهائي لم يصدر بعد وسيكون بعد أيام قليلة، وإلى أن يحين ذلك وأيا كان شكل القرار، سأدافع عن الجزائر اليوم وغدا وعن المنتخب الوطني اليوم وغدا وأدافع عن جمال بلماضي لأنه مظلوم ومحقور في هذه القضية، رغم أنني انتقدته فنيا في عديد المرات، مع العلم أني لست ممن يقدسون الرجال، فالولاء لله والوطن، كما أوجه تحية تقدير للجالية الجزائرية التي آمنت بعدالة القضية وقامت بمسيرات ووقفات أمام مقر الفيفا وتحية لكل الناشطين على مستوى موقع «اليوتيوب» الذين يدافعون عن مصلحة الجزائر ويدافعون عن حق المنتخب الوطني، كما أتساءل هل هؤلاء الذين يتمسكون بـ «استحالة إعادة المباراة»، لديهم مصادر مقربة من إنفانتينو؟، أو مصادر موثوقة من أروقة الفيفا؟، الكل أضحى يدلي بدلوه، هذا هو الإشكال أو الطامة الكبرى، ولهذا أعود وأؤكد أننا لم نتاجر في الأوهام، لكن تمسَّكنا ببصيص الأمل وفق رؤيتنا للقضية ووفق عدالة القضية وووفق ما تعرضنا له من ظلم تحكيمي، وحتى لو كان قرار لجنة التحكيم سلبيا فهناك محكمة التحكيم الرياضي، المهم في كل ذلك سأبقى وفيا لمبدأ الدفاع عن وطني وعن منتخبنا الوطني.
أطراف خفية من خارج أسوار الفاف تدافع عن حق محاربي الصحراء
ـ هل بصيص الأمل هذا بخصوص إمكانية إعادة المباراة لا يزال قائما؟
اعتقد أن هناك جدية في دراسة الملف الجزائري من طرف لجنة التحكيم التابعة للفيفا، وإذا كان البعض يقول إن الملف لم يكن ثقيلا بما يكفي، أتساءل «هل امتلكوا نسخة منه»، لا أضن أن هناك صحفيا واحدا، اطلع على ملف الفاف سواء من «بائعي الأوهام» كما تقول بعض البلاطوهات أو ممن يصفون أنفسهم بالمحترفين، ولا أحد يدري أن هناك أطراف خفية من خارج أسوار الفاف دخلت الصراع لتدافع عن حق منتخبنا وبلدنا، وأعتقد أنه مادام فيه تريث من الفيفا في إتخاذ القرار النهائي فأسبقى متمسكا بالأمل وحتى لو لم تُعد المباراة، سنذهب إلى أبعد حد في القضية، لأني أؤمن بمبدأ وهو عندما تكون الجزائر مستهدفة من قبل جهات أجنبية فمن موقعي كإعلامي، أرتدي ثوب الجندي المدافع عن بلده، أما الاحترافية والموضوعية وووو…. فأضعها جانبا، مع احتراماتي لجميع الزملاء من الذين يخالفونني الرأي، وكفانا مزايدات ولنركز على الاحترام المتبادل لبعضنا ومن لم يرد الدفاع عن الجزائر فليرحمنا بصمته.
يتبع
حاوره : سفيان طالب