نظم مسجد باريس الكبير، مساء الأربعاء، في فضاء «أربعاء المعرفة» لقاءا لتكريم روح رشيد مخلوفي، أيقونة كرة القدم الجزائرية، الذي ارتبط اسمه بثورة التحرير المجيدة. غادرنا الفقيد رشيد مخلوفي رحمة الله عليه، قبل أيام، تاركا وراءه إرثا حافلا بالإنجازات، صنعه بتألقه كلاعب محترف في صفوف فريق سانت إتيان الفرنسي، ثم مع فريق جبهة التحرير الوطني، حيث حمل رسالة القضية الجزائرية إلى المحافل الدولية، في وقت كان فيه رجال الثورة يواجهون العدو المشترك على جبهات القتال. اكتظت قاعة الأمير عبد القادر بمسجد باريس الكبير بالحضور من الجالية الجزائرية المقيمة في فرنسا، حيث جاءوا للاستماع إلى شهادات حيّة قدّمها نجوم كرة القدم ومختصّين في كرة القدم، التي كان للمغتربين دورا بارزا في كتابة أمجادها. وقد حضر كل من نجم الثمانينات لخضر بلومي، وزميله نور الدين قريشي، وناصر قديورة، إلى جانب زايير كدادوش، لتكريم هذه اللحظة التاريخية. وافتتح الأمسية عميد مسجد باريس الكبير، الأستاذ شمس الدين حفيز الذي طلب من الحضور الوقوف دقيقة صمت ترحما على شهداء الثورة التحريرية بمناسبة ذكرى مظاهرات 11 ديسمبر 1960 التي خرج فيها الجزائريون للتأكيد على مبدأ تقرير المصير. واستهل حفيز خطابه بكلمة مؤثرة على روح المدرب الوطني محيي الدين خالف، ليفتح المجال للمتدخلين ولعرض شريطين مصورين عن المرحوم رشيد مخلوفي. وأثرى الجميع النقاش بمداخلاتهم وشهاداتهم، حيث تناولوا مسيرة الراحل، ليس فقط كلاعب محترف، بل كمدرب وخبير قدّم الكثير لكرة القدم الجزائرية بعد اعتزاله المربع الأخضر. اختيار مسجد باريس الكبير لاحتضان هذا التكريم يحمل دلالات عميقة. فالراحل انتقل من فريقه المحلي بسطيف، مسقط رأسه، إلى فريق سانت إتيان الفرنسي، داعما كرة القدم الفرنسية كما انتقل قبله جنود جزائريون لدعم الجيش الفرنسي في الحربين العالميتين، إلى جانب العمال الذين ساهموا في دفع عجلة الاقتصاد الفرنسي في بدايات القرن الماضي. وأن بناء مسجد باريس يعد اعترافا بمساهمة هؤلاء المسلمين وغيرهم في بناء فرنسا الحديثة. كما أن تكريم ذكرى رشيد مخلوفي يعد تقديرا لمسيرته التي تحمل دروسا عميقة للأجيال الجديدة حول قيم الشجاعة والتضحية من أجل تحقيق مثال أسمى، وهي القيم ذاتها التي يدعو إليها الدين الإسلامي وهو الإيثار وحب الوطن والدفاع عن ثوابته، وتماما مثل ما فعل المرحوم رشيد مخلوفي وزملاءه الذين لبوا نداء الوطن ومغادرين فرقهم الفرنسية ليلتحقوا بفريق جبهة التحرير الوطني ولم يندموا يوما على ما فعلوه. يشار إلى أن اللقاء كان فرصة للقاء الجالية الجزائرية بفرنسا للتعبير عن ارتباطها وتلاحمها بكل ما له صله بالوطن الأم الجزائر.