- والدي أول شيوخي ومنه ورثت عشق الساحرة المستديرة
- جمعية وهران المدرسة التي تعلمت فيها أبجديات الكرة
- مولودية وهران فتحت لي أبواب المنتخب الوطني
- مشوار الصعود للقمة كان صعباً والإصرار أهم أسلحتي
- الجدية والمواظبة على العمل مفتاح النجاح في كرة القدم
- بدأت كمهاجم، فلاعب وسط ثم ظهير أيسر هكذا كانت مسيرتي
- قصتي مع الناخب الوطني رابح سعدان، حكاية في طي النسيان
- المرحوم قاسم ليمام وبن دداش بين أبرز الرؤساء الذين عملت معهم
الجزء الأول
في عالم الساحرة المستديرة، يتداخل الإصرار مع الطموح، ويبرز حدو مولاي كأحد الأسماء الخالدة في تاريخ الكرة الجزائرية. بدأ حدو مسيرته الكروية مع جمعية وهران، ليصعد إلى أضواء الملاعب محققًا إنجازات لامعة، وليصبح أحد أبرز الأسماء التي تمثل الحلم الرياضي الجزائري. اليوم، ومع بداية فصل جديد في حياته كمدرب، يواصل حدو مولاي كتابة فصل جديد، محملًا بخبرة سنوات طويلة من التحدي والمثابرة. وفي هذا الحوار الخاص مع «جريدة الروح الرياضية» ضمن ركن «ضيف الأسبوع»، يقدم لنا حدو نظرة معمقة في حياته الرياضية، ويكشف عن طموحاته وأفكاره التي لا تتوقف عن الإلهام، ليكون أمامنا نموذجًا حيًا للإصرار، والعزيمة التي لا تعرف المستحيل.
عرف بنفسك للمتابعين الجدد لكرة القدم الجزائرية؟
حدو مولاي، دولي سابق، من مواليد 14 جوان 1975 بوهران، بدأت مشواري في جمعية وهران، حيث لعبت في مختلف الفئات السنية، وفي سن الـ 17 تمت ترقيتي الى أكابر لازمو. مع مرور الوقت، انتقلت إلى مولودية وهران وأنا في سن 19، حيث قضيت عدة مواسم وحققت بصمتي مع النادي الذي فتح لي أبواب المنتخب الوطني. في عام 2004، انتقلت الى اتحاد العاصمة ولعبت لمدة عامين ونصف، ثم عدت إلى فريق القلب مولودية وهران، الذي أنهيت فيه مسيرتي عام 2008 بعد مشوار حافل بالإنجازات .
من كان له تأثير في تطوير مهاراتك، ولماذا اخترت منصب مدافع أيسر؟
منذ طفولتي، كنت محاطا بعائلة رياضية، فوالدي كان لاعبا في جمعية وهران ومولودية وهران، وغالي معسكر، وكنت دائمًا أتابع تجربته في الملاعب. تأثرت به كثيرًا، حيث كان له دور كبير في توجيهي، وفي العاشرة من عمري، تحصلت على أول رخصة لاعب مع لازمو. وخلال مسيرتي، تطورت مهاراتي بفضل المدربين الذين صقلوا قدراتي. بدأت مسيرتي كقلب هجوم في لازمو مع البراعم والأصاغر، لكنني لم أستقر على مركز واحد. تطورت تدريجيًا، فانتقلت إلى وسط الميدان ثم جناح أيسر في مختلف الفئات. وعند وصولي إلى مستوى الأواسط، لعبت في مركز الجناح الأيسر لمدة عام، ولكن مع أكابر لازمو، اكتشفت أن مركز الظهير الأيسر هو الأنسب لي، وهو المركز الذي أديته لاحقًا ببراعة.
متى كانت بدايتك الفعلية كلاعب محترف لكرة القدم ومع أي فريق؟
بدأت مسيرتي مع جمعية وهران، حيث لعبت بجانب لاعبين مميزين. وعند صعودي إلى مستوى الأكابر، مع أني كنت لا أزال شابا، قررت التفرغ بجدية لكرة القدم مدفوعا بشغفي الكبير.. منذ طفولتي، حلمت بأن أكون لاعبا. لكن الوصول الى هذا الهدف لم يكن سهلا للجميع. بالنسبة لي، انضمامي إلى مستوى الأكابر، فتح لي الأبواب ودخلت عالم كرة القدم بشكل تدريجي، حيث واصلت مسيرتي كلاعب في لازمو، وهو ما شكل بداية قوية في مشواري.
ما هي أبرز التحديات التي واجهتها مع الأندية التي لعبت لها، وأي تجربة بقيت راسخة في ذهنك؟
صراحة واجهت عديد التحديات، لكن التجربة التي بقيت راسخة في ذهني كانت صعوبة الصعود إلى مستوى الأكابر. عندما كنت لاعبًا في فئة الأواسط مع لازمو، خضنا نهائي كأس الجزائر، وكان من المفترض أن تتم ترقية أغلب اللاعبين إلى الفريق الأول. بالفعل صعد 10 لاعبين من أصل 11، لكنني كنت الوحيد الذي لم يتم اختياره في البداية. خلال فترة التحضيرات، جاء الفرج بفضل الرئيس السابق للازمو، بن دداش عبد القادر، الذي أحييه بالمناسبة، فقد أصر على أن أكون ضمن تعداد الأكابر، وكان له دور كبير في انطلاقتي كلاعب. لحسن الحظ، لم أواجه مشاكل تعيق استمراريتي، لأنني كنت أضع هدفًا واضحًا أمامي وأسعى لتحقيقه. ربما لم أصل إلى كل ما كنت أطمح إليه، لكنني فخور بما حققته، وأعتبر أنني خضت مسيرة ناجحة. خاصة أن جمعية وهران كانت محطة حاسمة، لأنها تمنح الفرصة للشباب، وكانت بمثابة الباب الذي فتح لي المجال للوصول إلى مستويات أعلى.
بغض النظر عن كأس الجزائر وكؤوس العرب، لماذا أخفق جيلكم في التتويج بالبطولة مع مولودية وهران؟
في فترة لعبنا مع مولودية وهران، كنا نمتلك فريقا قويا قادرا على التتويج بكل الالقاب، طبعا هذا لا ينقص من قيمة الأجيال السابقة التي أكن لها كل التقدير والاحترام. لكن الحقيقة أن هناك عديد العوامل التي حالت دون تحقيقنا للقب البطولة. لم يكن الأمر يتعلق بقدراتنا، بل كان هناك عديد العوامل خلف الكواليس التي أثرت بشكل مباشر على نتائج الفريق. اعتقد أن جيلنا كتب جزءا مهما من تاريخ المولودية في الألقاب والأداء الرائع. رغم أننا فزنا بعدة كؤوس عربية، وكأس الجزائر، ومرتين الوصول إلى نهائي كأس الجزائر، بالإضافة إلى نهائي السوبر العربي، وكأس الرابطة، إلا أن لقب البطولة ظل حلمًا بعيدًا. في موسمي 1995-1996 و1996-1997 كنا الأقرب لتحقيق اللقب، لكن الأمور التي كانت تجري خلف الكواليس، والتي يعرفها الجميع، هي التي حالت دون ذلك. كانت هناك مشاكل غير رياضية أثرت في مسيرتنا. رغم كل هذا، نحن فخورون بما حققناه، حيث تمكنا من الصعود إلى البوديوم عدة مرات، وتركنا بصمة في تاريخ النادي.
من هو أحسن رؤساء الأندية الذي تعاملت معه وأفضل مدرب أشرف عليك خلال مسيرتك؟
كانت علاقتي ممتازة مع جميع رؤساء الأندية التي عملت معهم. ومن بين الأسماء التي عملت معها عبد القادر بن دداش، المرحوم قاسم ليمام، سعيد عليق، ويوسف جباري. جميعهم كانوا شخصيات محترمة، ولم أواجه أي مشاكل معهم. علاقتي بهم كانت قائمة على الاحترام المتبادل، وأشعر بالفخر لأنني كنت جزءًا من هذه الأندية التي شهدت تطورًا في تلك الفترة. علاوة على ذلك، تربطني علاقات جيدة معهم حتى اليوم، وأنا على تواصل دائم معهم، باستثناء قاسم ليمام رحمه الله، الذي لا أنسى دعمه الكبير لي. أما بالنسبة للمدربين، فقد حظيت بفرصة العمل مع أسماء عديدة، لكن الأبرز كان مزيان إيغيل، الذي لعب دورا كبيرا في مسيرتي. هو من استدعاني للمنتخب الوطني في سن مبكرة ومنحني فرصة اللعب اساسيا. وبحكم انه كان مدافعا أيسر مثلي، قدم لي نصائح ثمينة ساعدتني في تطوير أدائي ومواصلة مسيرتي بنجاح.
ما هو أكـثـر تعليق أو نصيحة تلقيتها من مدرب خلال مسيرتك، ولا تزال تتذكرها حتى اليوم وتنقلها إلى اللاعبين الذين تشرف على تدريبهم؟
أكثر نصيحة تلقيتها من المدربين، والتي لا أزال أتذكرها وأعمل بها حتى اليوم، هي الجدية. كانت هذه هي النصيحة التي يكررها لي كل المدربين منذ صغري. كانوا دائمًا يقولون لي: إذا أردت النجاح، يجب أن تكون جادًا في كل شيء، حتى لو كنت لاعبًا متوسطًا. هذه النصيحة كانت الأساس في تطوري كلاعب، لذلك كنت جادا في التدريبات وفي حياتي اليومية. الجدية هي التي أوصلتني إلى ما أنا عليه الآن، وأراها عنصرا أساسيا لأي لاعب يسعى للنجاح. من الناحية التقنية، تعلمت الكثير من كل مدرب أشرف علي، لكن الجدية كانت هي العنصر الأكبر الذي أثر في مسيرتي، سواء داخل الملعب أو خارجه. هذه القاعدة تبقى مهمة في حياة أي لاعب، لأنها الطريق الوحيد للتميز.
حدثنا عن تجربتك مع المنتخب الوطني، وما هي أبرز الذكريات التي تحتفظ بها من تلك الفترة؟
خلال مسيرتي مع المنتخب الوطني، تشرفت بالمشاركة في ثلاث نهائيات كأس إفريقيا، في غانا 2000، ومالي 2002، وتونس 2004. الحمد لله، كنت جزءًا من المنتخب في تلك البطولات، عشنا تجارب رائعة وأخرى صعبة. لكنني دائمًا أحتفظ بالذكريات الجميلة التي شكلت مسيرتي. أنا فخور بما قدمته سواء مع المنتخب أو الأندية التي لعبت لها. ومن أبرز اللحظات التي لن أنساها، هي المباراة الودية بين الجزائر وفرنسا، التي شهدت أجواء استثنائية، وأيضا مواجهتنا ضد مصر في كأس إفريقيا 2004، التي فزنا فيها 2 مقابل 1 في مباراة كانت مليئة بالروح القتالية والإصرار على الفوز. تلك التجربة ستظل واحدة من أعظم محطاتي مع المنتخب.
كيف كانت لحظة اتخاذ قرار الاعتزال وهل فكرت في العودة بعده؟
في عام 2008، قررت الاعتزال في سن 33 بعد سقوط مولودية وهران الى الدرجة الثانية. خاصة بعد الطريقة غير الرياضية التي سقط بها الفريق، والتي يعرفها الجميع. في تلك الفترة، فقدت الرغبة في مواصلة اللعب، رغم العروض التي تلقيتها من أندية في الدرجة الأولى، إلا أنني رفضتها، لأنني لم أستطع رؤية نفسي أرتدي قميصًا آخر غير مولودية، ففضلت غنهاء مسيرتي الكروية.
هل سامحت سعدان على حادثة «كان» 2004 بتونس، حدثنا عن هذه القضية أو الحادثة؟
لا أحب التحدث عن تلك الحادثة، فكل واحد يتحمل مسؤولياته. أنا أسامح الجميع، فهناك أمور حدثت في حياتي أكثر حدة من تلك الحادثة، وهي تبقى مجرد واقعة رياضية. رغم أنها أخذت مني وقتا طويلا لتقبلها وتجاوز أثارها، الا أنها أصبحت الآن مجرد ذكرى من الماضي. اليوم، كمدرب أدرك أن مثل هذه الأمور قد تحدث لاي مدرب مع لاعبيه، وهذا جزء من كرة القدم.
كيف تقيم مسيرتك كلاعب سواء في الأندية أو المنتخب الوطني؟
خلال مسيرتي الكروية، مررت بتجارب عديدة مع مولودية وهران، حيث حققت ألقابًا مميزة، وكنت في عدة سنوات أفضل لاعب في الفريق، مما مهد لي الطريق للانضمام إلى المنتخب الوطني. وحتى في اتحاد العاصمة، في سنتي الأولى، كنت ثاني أفضل ممرر في الفريق، والعام الثاني أحسن هداف، أما مع المنتخب، فحملت شارة القائد، وهو أمر ليس سهلاً. فقد كنت جزءًا من التشكيلة الأساسية لعدة سنوات، وشاركت في 56 مباراة دولية. وكان بإمكاني المشاركة في المزيد، لكن الإصابات والظروف التي مررنا بها في تلك الفترة حالت دون ذلك. رغم كل شيء أنا فخور بما حققته، وأعتبر مسيرتي تجربة ناجحة .
ما هي المباراة التي تعتبرها الأبرز في مسيرتك الدولية ومع الأندية؟
كما ذكرت، مباراة الجزائر ضد مصر كانت من أبرز المباريات في مسيرتي الدولية، أما على مستوى الأندية، فإحدى أبرز المباريات بالنسبة لي كانت مباراة مولودية وهران ضد اتحاد البليدة في نهائي كأس الجزائر 1996، بملعب 5 جويلية، في تلك المباراة حققنا فوزا ثمينا 1 مقابل 0 عن طريق ضربة جزاء نفذها عمر بلعطوي، كانت لحظة مميزة لأنها كانت أول بطولة أحققها كلاعب، وأتذكر تلك اللحظات الخالدة في ذهني كأحد أبرز المحطات في مسيرتي الرياضية…
حاورته: أمينة بشيخ
يتبع