الجزء الثاني
- سعيود يشبه ميسي في طريقة اللعب والتحكم بالكرة
- المدرب المحلي بحاجة إلى الدعم والثقة
- الحفاظ على الملاعب الجزائرية مسؤولية الجميع
- أقضي شهر رمضان بين العبادة والإسترخاء
- أفضل عدم خوض المباريات خلال الشهر الفضيل
- عمور، جابو، حمية، ياسف، وحركات فريقي الخماسي
- بيتكوفيتش يعمل في صمت والخضر يملكون كل الإمكانيات والمؤهلات
- محيوص وبوراس يستحقان التواجد مع المنتخب الوطني
- بولبينة سيكون إضافة قوية لمحاربي الصحراء في المستقبل
- قصتي مع بلقروي أكثر المواقف المحرجة التي عشتها داخل الملاعب
- بلماضي قدم الكثير للمنتخب الوطني وحقق إنجازات كبيرة
في الجزء الأول من هذا الحوار، عدنا بالزمن إلى رحلة كروية امتدت من أزقة الشوارع إلى أضواء النجومية، مسيرة حافلة بالألوان الجزائرية، تخللتها تحديات وإصابات، وقرارات غيّرت مجرى الأحداث. تحدثنا عن الموهبة الفطرية التي صقلتها العزيمة، وعن تغيير المركز الذي شكّل نقطة تحول فارقة. عشنا تفاصيل الصعود من القسم السادس إلى شبيبة القبائل، وألم حلم المنتخب المحلي الذي تحطم بالإصابة. كما توقفنا عند قرار الاعتزال بلا رجعة، الذي لم يكن خيارًا رياضيًا فحسب، بل كان دفاعًا عن كرامة الأم. وبين طموحات كبيرة وإمكانات ضائعة، تطرقنا إلى غياب التكوين الذي يهدد مستقبل المواهب، وإلى كرة القدم الجزائرية التي تحتاج رؤية واضحة بدل العشوائية. أما في هذا الجزء، فنتحدث عن حاضر الكرة الجزائرية وما تحتاجه للمضي قُدمًا. نسلط الضوء على واقع المدرب الجزائري وضرورة دعمه، ونحلل بصمت العمل الذي يقوم به بيتكوفيتش، في ظل امتلاك المنتخب كل المؤهلات للعودة بقوة. كما نتحدث عن مواهب تستحق الفرصة مثل عادل بولبينة، محيوص، وبوراس، وأهمية تطوير الملاعب والحفاظ عليها. ونغوص في ذكريات اللعب والتدريبات في رمضان، بين الصيام والعبادة والاسترخاء، كما نكشف عن التشكيلة المثالية التي صنعت الفارق. ولن نختم دون التوقف عند لحظة محرجة داخل الملعب، جمعت بين سوء الفهم والمشاعر الصادقة. حوار جديد، بزاوية مختلفة، نفتح فيه الأبواب للنقاش حول كرة القدم الجزائرية، بكل تفاصيلها وأسرارها مع ضيف جريدة «الروح الرياضية» رمزي بورقبة.
في رأيك، كيف يمكن للبطولة المحلية أن ترتقي لتكون من بين أفضل الدوريات العربية؟
عندما كنت في السعودية عام 2010، رأيت أنهم كانوا يعملون على تطوير الكرة بمنهجية واضحة ويعملون وفق رؤية مستقبلية، ويُحضرون لما هو قادم. أما نحن، فلو لم نعتمد على الأساليب الحديثة، فلن نحقق أي شيء. في الجزائر، تبدأ الموسم الكروي بتسجيل اللاعبين فقط، ثم يُلعب الدوري، وبعدها تبدأ المشاكل المتكررة، لأنه لا يوجد تخطيط حقيقي. لا أحد يفكر في المستقبل أو يعمل عليه. إذا أردنا التغيير، فيجب أن نبدأ من القاعدة، من الفئات الشبانية، لأن التكوين الصحيح هو الأساس. أما البطولة الجزائرية اليوم، فمن دون الجماهير، لا أراها تملك أي شيء مميز. كل ما يحدث مجرد تسيير يومي دون هدف واضح…
كيف تقيم أداء المدربين المحليين مقارنة بالأجانب في الدوري الجزائري؟
تعاملت مع مدربين أجانب ومحليين، وأرى أن المدرب الجزائري لو يُمنح نفس الفرصة والدعم الذي يُقدم للمدرب الأجنبي، فإنه سيصل بعيدًا جدًا. لدينا كفاءات تدريبية كبيرة، لكن المشكلة أننا لا نستثمر فيها كما يجب. شخصيًا، بعد 5 سنوات من اعتزالي، لم يتصل بي أحد أو يعرض عليّ فرصة للعمل في مجال التدريب. في أوروبا، عندما يكون اللاعب في نهاية مسيرته، يأتي المسؤولون إليه ويسألونه: هل تريد أن تصبح مدربًا أم مناجيرًا؟، ويُوجهونه وفق اختياره. أما عندنا، فلا يوجد أي اهتمام باللاعبين السابقين بعد الاعتزال. مؤخرًا، حصلت على شهادة التدريب CAF-D، وحتى الأساتذة الذين درّسونا قالوا لنا: بمستواكم كلاعبين سابقين، كان يجب أن تبدأوا من مستوى أعلى CAF-A أو B ، لكن للأسف، هنا لا يوجد نظام واضح لدعم اللاعبين السابقين في مجال التدريب.»
ما رأيك في الأداء الحالي للمنتخب الوطني ؟
منذ البداية، كنت ضد تغيير جمال بلماضي، لأنه قدم الكثير للمنتخب وحقق إنجازات كبيرة. لكن الآن، فلاديمير بيتكوفيتش يتولى المسؤولية، وهو مدرب لديه أسلوب مختلف، ويبدو أنه من النوع الذي لا يتحدث كثيرًا بل يركز على العمل. بالتعداد الذي نملكه حاليًا، إذا لم نقدم مباريات كبيرة وننافس بقوة، فلا مبرر لنا. هدفنا يجب أن يكون التأهل إلى كأس العالم، خاصة وأن لدينا لاعبين مميزين ومدربًا يعمل في صمت. صحيح أن المهمة ليست سهلة، لكن يجب أن نكون متفائلين وندعم المنتخب في هذه المرحلة الصعبة.
من ترشح لخلافة المهاجمين الحاليين في صفوف المنتخب؟
بالنسبة لخلافة المهاجمين الحاليين في المنتخب، أرى أن عادل بولبينة يستحق الفرصة. إذا لم نمنحه الثقة الآن، فمتى سيفرض نفسه؟ لا يوجد شيء اسمه لاعب صغير، فالكرة الحديثة تعتمد على المواهب الشابة، والمنتخبات الكبرى تمنح الفرصة للاعبين الصاعدين دون تردد. بولبينة يملك إمكانات كبيرة، ولو يتم الاعتماد عليه تدريجيًا، سيكسب الخبرة وسيكون إضافة قوية للمنتخب في المستقبل.
لو كنت جزءا من الطاقم الفني للمنتخب في الكان القادم، ما هي التشكيلة التي ستعتمدها؟
في الأيام الأخيرة، عودة محيوص كانت قوية، وهو من بين أفضل اللاعبين في الوقت الحالي. أعتقد أنه يجب أن يتم استدعاؤه للمنتخب في قادم المواعيد لأنه يملك إمكانات كبيرة. أما بوراس، فهو أيضًا يقدم مستوى مميز حاليًا، ويمتلك قوة بدنية وفنية، وهو أحد اللاعبين الذين يجب أن يكونوا ضمن قائمة المنتخب. وفيما يخص سعيود، فأنا أعتبره شبيهًا بالأسطورة ميسي في طريقة لعبه وقدرته على التحكم بالكرة، وكان بإمكانه بالفعل التواجد في المنتخب وإثبات نفسه بشكل جيد. هؤلاء اللاعبين يمتلكون إمكانيات رائعة ويستحقون الفرصة لتمثيل المنتخب.»
شهدت الجزائر بناء عدة ملاعب حديثة مؤخرًا. كيف ترى تأثير هذه المنشآت على تطوير كرة القدم في البلاد؟
عندما أشاهد المباريات في الملعب الكبير مثل براقي أو تيزي وزو، أرى مباريات رائعة تليق بكبار اللاعبين. ما شاء الله، لكن للأسف هناك مشكلة كبيرة في حال غلق الملاعب. في بعض الأحيان، تغلق الملاعب مثل برنابيو في مدريد، ويتم تغيير العشب وتجهيز الملعب في أسبوع فقط، ولكن في الجزائر نواجه تأثيرًا سلبيًا على المستوى بسبب الملعب المغلق لفترات طويلة. العشب الاصطناعي أيضًا له تأثيره على الأداء، حيث يؤثر على اللياقة البدنية والتقنيات الخاصة باللاعبين. وإذا نظرنا إلى دول مثل مصر، السعودية، وتونس، نجد أنهم يقدمون مستوى أعلى بسبب الملاعب المتطورة، وهذا يعود إلى الاستثمار المستمر في بنية الملاعب، وهو ما نحتاجه بشدة في الجزائر.
ما هي نصائحك للجماهير للحفاظ على هذه الملاعب وضمان استدامتها؟
نصيحتي للحفاظ على الملاعب هي أن نتعقل أكثر ونتعامل مع الأمور بمسؤولية. يجب أن نضع قوانين ردعية تضمن عدم تكرار هذه التصرفات غير المسؤولة. رأينا في مباراة لإتحاد الحراش مؤخرًا عندما أنهوا المباراة، قاموا بتنظيف الملعب، وهذا شيء جيد جدًا. لماذا لا تكون هذه الظاهرة مستمرة في جميع الملاعب؟ الأمر ليس فقط عن التنظيف، ولكن المهم هو الحفاظ على الملعب وعدم إتلافه أو تركه في حالة سيئة. يجب على الجميع أن يفهم أن هذا الملعب ليس لنا فقط، بل هو للأجيال القادمة. إذا دمرنا الملعب اليوم، سيكون هذا مؤثرًا علينا وعلى أولادنا، لذلك يجب أن نتحلى بالوعي والاحترام للملاعب التي هي من أساسيات تطوير الرياضة في البلاد.
كلاعب سابق، كيف كنت تتعامل مع التدريبات والمباريات خلال شهر رمضان؟
كنت أتعامل مع التدريبات والمباريات خلال شهر رمضان بشكل طبيعي، لكن هناك حادثة لا أستطيع نسيانها. في إحدى المباريات، كنا نلعب في بسكرة، وكان صديقي بلال نايلي معي. في السحور، غسل أسنانه بمعجون الأسنان، وبالرغم من ذلك، كنا سنلعب في الساعة الواحدة ظهرًا، وكان هذا مؤثرًا جدًا عليه.، كان في حالة تعب شديدة، قريب من الموت بسبب الإجهاد. تلك اللحظة بقت في ذهني، وهي ذكرى صعبة. رمضان يضع اللاعبين في تحديات كبيرة، خاصة مع الصيام، لكنه أيضًا يوضح قوة الإرادة التي يمتلكها اللاعبون.
هل سبق وأن طلب منك أحد المدربين الإفطار خلال رمضان بسبب مباراة أو تدريب؟ وكيف كان رد فعلك؟
خلال شهر رمضان، لم يطلب مني أحد الإفطار، وكان لدي دائمًا إصرار كبير على الصيام، سواء في التدريبات أو المباريات. أعتبرها تجربة شخصية حيث لا يمكنني أن أفرط في هذا الشهر مهما كانت الظروف. لم تحدث أي مرة أن طلب مني المدرب أو أي شخص آخر أن أفطر، بل كنت دائمًا أواجه التحديات التي تطرأ مع الصيام في هذا الشهر بكل إصرار وقوة.
برأيك، هل من الأفضل برمجة المباريات خلال السهرات الرمضانية؟ ولماذا؟
أنا أفضل عدم خوض المباريات خلال شهر رمضان، لأن التوقف يمنح اللاعبين فرصة للراحة وتجديد الطاقة. كما أنه يمكن استغلال هذا الشهر في تحضيرات مكثفة خلال الليل، مما يساعد الفرق على استعادة توازنها والاستعداد بقوة لاستئناف المنافسات.
ما هو روتينك اليومي خلال شهر رمضان؟ وهل لديك عادات خاصة في هذا الشهر؟
خلال شهر رمضان، لا أستيقظ مبكرا لأنني أشعر بالكثير من التعب. عادة، أسهر حتى الصباح ثم أوصل الأطفال إلى المدرسة قبل أن أعود للنوم. أستيقظ عند منتصف النهار تقريبا أحرص على أداء الصلاة دون انقطاع، و الحمد لله. بعد ذلك، أفضل الخروج بالسيارة، لأنني لا أحب البقاء في المنزل لفترات طويلة. أما الرياضة، فلا أمارسها في رمضان، إلا إذا كانت هناك مباراة ليلية، حينها أشارك وأستمتع باللعب.
إذا طلبنا منك اختيار فريق خماسي مثالي من اللاعبين الذين جاورتهم، من ستختار؟
إذا كان عليّ اختيار فريق خماسي مثالي من اللاعبين الذين جاورتهم، فسأختار مجموعة من الأسماء التي تركت بصمتها في مشواري الكروي. في خط الوسط، لا يمكنني تجاوز عمار عمور، الذي زاملته في شباب بلوزداد، بفضل مهاراته الفريدة ورؤيته الذكية للعب. إلى جانبه، أضع عبد المؤمن جابو، اللاعب الموهوب بقدراته الهجومية المبهرة. في الهجوم، أعتمد على قوة وفعالية بوعلام حمية أمام المرمى، فهو مهاجم لا يرحم. أما حمزة ياسف، فقد كان لاعبًا استثنائيًا عندما لعبت معه في شبيبة القبائل، بفضل إمكانياته الفنية المتميزة. وأخيرًا، لا يمكنني نسيان سفيان حركات، الذي كان يتمتع بمهارات فردية رائعة جعلته عنصرًا مؤثرًا في أي فريق مثّله. هؤلاء هم اللاعبون الذين أراهم الأنسب لتشكيلتي المثالية، بفضل ما قدموه داخل المستطيل الأخضر.
هل تعرضت لموقف طريف أو محرج داخل الملعب؟ شاركنا بتفاصيله
من بين المواقف المحرجة التي عشتها داخل الملعب، هناك واحدة لا أنساها، حدثت مع هشام بلقروي. في إحدى المباريات ضد اتحاد الحراش، كان الجو متوتراً، وأثناء اللعب تلفّظ بلقروي بكلمات مستفزة، وسبّني بوالدتي دون أن يدرك أنني فقدتها قبل شهرين فقط. في لحظة غضب، لم أتمالك نفسي وقمت برد الفعل بضربه، قبل أن أهدأ وأنتظره ليواجهني. تدخل اللاعبون بيننا، لكن بصراحة، تأثرت كثيرًا، وأشعر أن تلك الحادثة تركت أثراً في داخلي. حتى بعد مرور الوقت، كنت أرى صور في هاتفي، وأتذكر المشهد بحزن. كنت أعلم أنني سأتعرض للطرد بسبب ذلك، ولكن المشاعر كانت أقوى من أي شيء آخر. مؤخراً، أخبرته بالقصة، وتفهم الموقف، الحمد لله على كل حال.
يتبع…
حاورته: أمينة بشيخ