أول ما حرص عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما وصل إلى المدينة النبوية، هو بناء مسجد لتقام فيه الصلاة، وهذا ينبغي أن يكون من أولويات المسلم، ولو نظرنا إلى المساكن الضخمة، فيجعل أصحابها بيتا للجلوس، وبيتا للضيوف، وبيتا للأكل، ولا يجعل مصلى ولا مكتبةً، وهذا أمر ينبغي أن يتفطن له(!!).
عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«يا بَنِي النَّجّارِ ثامِنُونِي بحائِطِكُمْ، وفيهِ خِرَبٌ ونَخْلٌ.» أخرجه البخاري(2106) .
فالنبي لم يأخذ منهم الأرض قهرا، مع أن يريد بناء مسجد، بل ساومهم، وساعدهم في بناء المسجد، وطفق يقول:
اللهمّ إنّ الأجرَ أجرُ الآخرة** فارحم الأنصارَ والمهاجرة.
واستغرق بناء المسجد اثني عشر يوما، وبعدها بُنيت غرف لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وفرضَ الآذان بنفس الطريقة التي هو عليها الآن .
ومن الطرائف التي حصلت كذلك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم آخا بين المهاجرين والأنصار، حتى قالوا للرسول :«خذ إن شئت منازلنا»، وقالوا له:« أقسم بيننا وبينهم النخل».
وقد شهد الله تعالى لهم بذلك في قوله:«والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون» [الحشر:9].
لهذا كان حبهم من الإيمان و بغضهم نفاق .
وهذا أمر محسوس، لا يمكن لقوم ما أن يحققوا أهدافهم في دينهم، ودنياهم، وهم متفرقون.