يقول العلامة بن خلدون رحمه الله : (المغلوب مولع أبدا بالاقتداء بالغالب في شعاره وزيه ونحلته وسائر أحواله وعوائده.
والسّبب في ذلك أنّ النّفس أبدا تعتقد الكمال في من غلبها وانقادت إليه إمّا لنظره بالكمال بما وقر عندها من تعظيمه أو لما تغالط به من أنّ انقيادها ليس لغلب طبيعيّ إنّما هو لكمال الغالب…)
يرى المفكر مالك بن نبي رحمه الله : (أن الاستعمار يحرص على غرس فكرة التبعية في عقول المُستَعمَرين)
تُصدِّقُ وتُفسّر الفكرتين ما تشهده الأمة الإسلامية عامّة من رضوخٍ وانصياعٍ تَامَّينِ للإيديولوجيات الغربية التي انعكست على حياتها الواقعية ظاهرا وباطنا، وإذا سلطنا الضوء بصفة خاصة على بلدنا الجزائر تُضَاف تبعيةٌ أخرى لفِرنسا، فتجد مظاهر التشبه بالغالب عند المغلوب معيارا لقياس مقدار التحضر ومصدرا للتفاخر والتبختر، فحالهم كمن يأكل القشور، أو بالأحرى كمن رُمِيَت له فسعى لالتقاطها بلهفٍ ثم عاد فرِحاً بما التقطه مفتخِراً على أمثاله إذ يرى حالَه أرفَعَ وهي عكسُ ذلكَ وضِدّهُ، فالمتأمل من بعيد يلمح جليّاً شبهَ فعله بفعل الكلب المطيع لسيده.
وما أكثر أمثال هؤلاء اليوم !!!
ولو رأى هذا المغلوبُ أمجاد من سَبقوه أيامَ كان غالباً فاتّعَظ وعلِمَ أنّه وُجد ليكون مُتَّبَعا لا تابِعاً لَتَخَلَّص من هذه المَذلة المُهينة والأفعال المُشينة.
إن النظر في تاريخ الحضارة الإسلامية وأمجادها ومُنجزاتها يبعث في النفس روح الفخر والاعتزاز، ويصنع هوية المسلم ويُقوّي شخصه ويزرَع فيه عزة النّفس وبُغضَ التبعية والخضوع ولو كان مغلوباً، وواقعنا المُعاش هو ترجمةٌ لنتيجة تغييب هذا الأمر في مجتمعنا المسلم عامةً والجزائري خاصةً.
عبد المقتدر بن سعيد