عاش المنتخب الوطني لكرة القدم أكابر سنة 2024 على وقع التقلبات فبعد بداية العام بنكسة خلال كأس أمم إفريقيا بكوت ديفوار استعاد محاربو الصحراء توازنهم بمرور الوقت بعدما عرفوا كيف يلملمون جروحهم في «كان» بلاد ساحل العاج.
حيث عرفت الاتحادية بقيادة الرئيس وليد صادي كيف يخرجون بالمنتخب من النفق المظلم الذي دخلوه مع مستهل السنة تدريجيا إلى أن استعاد زملاء بن سبعيني توازنهم وعاد إلى السكة الصحيحة سواء في تصفيات كأس العالم 2026 المقرر إقامتها مناصفة بين الولايات المتحدة الأمريكية، كندا والمكسيك والتي يتصدرون فيها مجموعتهم بالإضافة إلى ضمان تأشيرة العبور إلى كأس إفريقيا 2025 بعد مشوار حافل في تصفيات «كان» في انتظار التأكيد خلال السنة المقبلة التي باتت تفضلنا عنها سويعات قليلة. وفي هذا الشأن سلط الاتحاد الدولي لكرة القدم الضوء على مسيرة المنتخب الوطني من فترة الانهيار مع المدرب جمال بلماضي في كأس أمم إفريقيا 2023، إلى ما أسمته «فيفا» صحوة مع الناخب الجديد فلاديمير بيتكوفيتش في رحلة التأهل لكأس العالم 2026.
البداية بخيبة أمل في «كان» كوت ديفوار
شهد مشوار محاربي الصحراء بداية صعبة لعام 2024 بخروجهم المخيب من دور المجموعات في كأس أمم إفريقيا، عندما تعادلوا مع أنغولا وبوركينا فاسو في الجولتين الأولى والثانية، قبل أن يخسروا أمام موريتانيا بهدف نظيف، مما أدى إلى توديع البطولة دون تحقيق أي انتصار. وأدى استمرار الإخفاق للنسخة الثانية على التوالي إلى إنهاء حقبة جمال بلماضي، الذي بدأ مشواره مع المنتخب بإنجازات كبيرة، لكنه واجه نهاية حزينة. جاء القرار بتغيير القيادة الفنية، وتم تعيين المدرب البوسني فلاديمير بيتكوفيتش لقيادة مرحلة جديدة.
عودة قوية في تصفيات كأس أمم إفريقيا 2025
تحت قيادة بيتكوفيتش، استعاد المنتخب الوطني توازنه وقدم أداءً استثنائيًا في تصفيات أمم إفريقيا 2025. وبدأ المشوار بفوز ثمين على غينيا الاستوائية بهدفين نظيفين، وتبعه انتصارات كبيرة على ليبيريا وتوغو، حيث سجل المنتخب 16 هدفًا في 6 مباريات دون تلقي أي هزيمة، مما ضمن له صدارة المجموعة والتأهل المريح إلى النهائيات. وكان أداء اللاعبين مميزًا، خاصة حسام عوار وأمين غويري وبغداد بونجاح، مما أعاد الثقة للجماهير وأكد عزم المنتخب على المنافسة على الألقاب مجددًا.
تصفيات كأس العالم 2026 واستعادة الأمل
واصل المنتخب الوطني تألقه في تصفيات كأس العالم 2026، حيث افتتح مشواره بفوز مقنع على الصومال (3-1)، تلاه انتصار آخر على موزمبيق (2-0). ورغم الهزيمة المفاجئة أمام غينيا (2-1) في الجولة الثالثة، تمكن الفريق من استعادة توازنه بفوز ثمين على أوغندا (2-1) ليحافظ على صدارته للمجموعة برصيد 9 نقاط بعد أربع جولات. وتظهر المؤشرات أن الكتيبة المحاربين قريبة من تحقيق حلم التأهل للمونديال للمرة الخامسة، سعيًا لتعويض الغياب عن النسختين السابقتين.
الخضر يتحدون تصنيف الفيفا ويطمحون للأفضل
ورغم الأداء القوي في التصفيات، تأثر تصنيف المنتخب الوطني في ترتيب الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» نتيجة خيبة أمم إفريقيا مطلع العام، ليتراجع من المركز 30 عالميًا بنهاية 2023 إلى المركز 37 في نهاية 2024. ويفرض هذا التراجع على الجهاز الفني واللاعبين ضغطًا إضافيًا للمحافظة على الزخم الإيجابي وضمان التأهل المباشر للمونديال.
إستعادة الثقة وإحياء آمال الجماهير الجزائرية
شهد عام 2024 اختبارًا كبيرًا لعزيمة المنتخب الوطني حيث انتقل من الإحباط إلى الاستفاقة القوية، ومع بداية مخيبة ونهاية واعدة، باتت آمال الجماهير معقودة على استمرارية الأداء المميز تحت قيادة بيتكوفيتش. ويبدو الطريق إلى كأس العالم مشرقًا، لكن المهمة تتطلب المزيد من الجهد للحفاظ على المسار التصاعدي واستعادة الأمجاد. وأثبت محاربو الصحراء أنهم قادرون على النهوض من الكبوات، وعازمون على كتابة فصل جديد من النجاحات في تاريخهم الكروي.
صادي بين الفاف والوزارة لترتيب بيت الكرة الجزائرية
من جانب آخر روى سعيد فلاك، المكلف بالإعلام لدى الاتحادية الجزائرية لكرة القدم، قصة مثيرة كادت تعصف بطموحات المنتخب الوطني في سنة 2024. وكشف فلاك، لدى نزوله ضيفًا على برنامج «البلاد سبورت»، أن الفريق الوطني كان على وشك الحرمان من المشاركة في المنافسات القارية وخوض غمار التصفيات بسبب أزمة مالية خانقة. وأكد الناطق الرسمي للفاف أن اتحاد كرة القدم كان يعاني من أزمة مالية، وكانت عليه ديون بقيمة 5 ملايين «يورو»، قبل مجيء الرئيس الحالي وليد صادي. وقال ذات المتحدث في هذا السياق: «عند وصول وليد صادي لرئاسة الاتحادية وجد الخزينة في وضع مُزرٍ». وتابع المكلف بالإعلام أن هيئة «فاف» لم تكن قادرة وقتها على تأمين تكاليف سفريات المنتخب الوطني إلى أدغال قارة إفريقيا لخوض مبارياته. وواصل المتحدث أنه لولا تدخل السلطات الجزائرية لحل المشكلة، لواجه المنتخب الوطني أزمة حقيقية في سفرياته. ومنذ اعتلائه كرسي رئاسة اتحادية كرة القدم، بذل وليد صادي جهودًا كبيرة لحل مختلف المشاكل التي كانت تتخبط فيها «فاف»، خاصة من الناحية المادية.
قرارات صارمة للقضاء على الفساد في القطاع
وفي سياق مواصلة بذل الجهود، وبعد تعيينه وزيرًا جديدًا للرياضة اتخذ صادي جملة من القرارات الصارمة لإصلاح وضع كرة القدم الجزائرية. وبحسب ما كشفته وكالة الأنباء الجزائرية نهاية الأسبوع الماضي، فإن الوزير الجديد للرياضة اجتمع مع ممثلي الشركات المالكة لأندية كرة القدم الجزائرية. وتباحث وليد صادي في اجتماعه مع ممثلي الشركات المالكة للأندية، سواء بشكل كلي أو جزئي، الوضعية الحالية لكرة القدم الجزائرية، خاصة فيما يتعلق بجانب الاحتراف. وخلص الاجتماع بين الوزير صادي وممثلي تلك الشركات إلى وضع خريطة طريق أولية، من المنتظر أن يُشرع في تنفيذ بنودها انطلاقًا من بداية شهر يناير من العام المقبل. ومن أبرز مخلفات الاجتماع قرار تسقيف أجور لاعبي أندية الدوري الجزائري لكرة القدم، في ظل بعض الأجور الضخمة التي تعاقدت بها فرق عدة مع بعض اللاعبين. كما ستكون جميع الأندية مطالبة بتقديم حصيلتها المالية السنوية للاتحادية الجزائرية، من أجل القضاء على ظاهرة تبديد المال العام في عالم كرة القدم.